(٢) تفصيل الكلام في الجهالة أنها على ثلاثة أضرب: الأولى: جهالةٌ فاحشةٌ، وهي الجهالةُ في الجنس، فتمنعُ صحَّة الوكالة، سواءً بيَّنَ الثمنَ أو لا، كما إذا وكّله بشراء ثوب أو دابّة أو نحو ذلك. والثانية: جهالةٌ يسيرةٌ، وهي ما كانت في النوعِ المحض، كما إذا وكّله بشراء فرسٍ أو حمارٍ أو ثوبٍ هرويّ، أو نحو ذلك، فإنّه يجوز الوكالةُ به، وإن لم يبيِّن الثمن؛ لأنَّ جهالةَ النوعِ لا تخلّ بالمقصود، ويمكن رفعُها بصرف التوكيلِ إلى ما يليقُ بحالِ الموكِّل، حتى إذا وكّل عاميٌّ رجلاً بشراءِ فرس فاشترى فرساً يصلحُ للملوكِ لا يلزمُه. والثالثة: جهالةٌ متوسِّطةٌ؛ وهي ما يكون بين الجنسِ والنوع، كما إذا وكَّلَه بشراءِ عبدٍ أو جاريةٍ إن بيَّنَ الثمنَ أو الصفة، بأن قال: تركيّاً أو هنديّاً أو روميّاً صحَّت الوكالة، وإن لم يبّين الثمن أو الصِّفة لا يصحّ؛ لأنَّ اختلافَ العبدِ والجواري أكثرُ من اختلافِ سائرِ الأنواع، وعادةُ الناسِ في ذلك مختلفة، فكانت بين الجنسِ والنوع، وكذا الدارُ الملحقة بالجنسِ من كلِّ وجه؛ لأنّها تختلفُ بقلَّة المرافقِ وكثرتها، فإن بيَّن الثمنَ ألحقتْ بجهالةِ النوع، وإن لم يبيّن ألحقت بجهالةِ الجنس. ينظر: «فتح القدير» (٨: ٢٩).