للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الوكالة بالبيع والشراء]

[[فصل في الشراء]]

الأمرُ بشراءِ الطَّعامِ على البُرِّ في دراهمَ كثيرة، وعلى الخبزِ في قليلة، وعلى الدَّقيقِ في متوسِّطة، وفي متخذِّ الوليمةِ على الخبزِ بكلِّ حال، ولا يصحُّ بشراءِ شيءٍ فَحُشَ جَهْلُ جنسه كالرَّقيقِ، والثَّوب، والدَّابّةَ، وإن بيَّن ثمنَه

الحقوقَ إلى الوكيل كما في البيع، فتسليمُ بدل الصُّلحِ على الوكيلِ، وإذا كان عن إنكار، فهو فداءُ يمينٍ في حقٍّ المدَّعى عليه، فالوكيلُ سفيرٌ محضٌ فلا يرجعُ إليه الحقوق.

[باب الوكالة بالبيع والشراء]

[[فصل في الشراء]]

(الأمرُ بشراءِ الطَّعامِ على البُرِّ في دراهمَ كثيرة، وعلى الخبزِ في قليلة، وعلى الدَّقيقِ في متوسِّطة، وفي متخذِّ الوليمةِ على الخبزِ بكلِّ حال)، هذه الوكالةُ ينبغي أن تكونَ باطلةً؛ لأنَّ الطَّعامَ يقعُ على كلِّ ما يُطْعَم، فيكونُ جهالةُ جنسِهِ فاحشةً، لكن المتعارفَ في قوله: اشتر لي طعاماً: أن يرادَ به الحنطة، أو الدَّقيق، أو الخبز (١).

(ولا يصحُّ بشراءِ شيءٍ فَحُشَ جَهْلُ (٢) جنسه كالرَّقيقِ، والثَّوب، والدَّابّةَ، وإن بيَّن ثمنَه)، اعلم أن كلَّ شيئينِ يتحدُّ حقيقتُهما ومقاصدُهما، فهما من جنسٍ


(١) ما رجَّحه المصنِّف في هذه المسألة وتبعه على الشارح - رضي الله عنه - راجع إلى العرف، وقد اختلف الترجيح على مقصود كلّ بلد وأهل عصر من الطعام، فكلٌّ رجّح عرف بلده وعصره، والله أعلم. ينظر: «الدر المختار» (٤: ٤٠٣)، و «مجمع الأنهر» (٢: ٢٢٨)، وغيرها.
(٢) تفصيل الكلام في الجهالة أنها على ثلاثة أضرب:
الأولى: جهالةٌ فاحشةٌ، وهي الجهالةُ في الجنس، فتمنعُ صحَّة الوكالة، سواءً بيَّنَ الثمنَ أو لا، كما إذا وكّله بشراء ثوب أو دابّة أو نحو ذلك.
والثانية: جهالةٌ يسيرةٌ، وهي ما كانت في النوعِ المحض، كما إذا وكّله بشراء فرسٍ أو حمارٍ أو ثوبٍ هرويّ، أو نحو ذلك، فإنّه يجوز الوكالةُ به، وإن لم يبيِّن الثمن؛ لأنَّ جهالةَ النوعِ لا تخلّ بالمقصود، ويمكن رفعُها بصرف التوكيلِ إلى ما يليقُ بحالِ الموكِّل، حتى إذا وكّل عاميٌّ رجلاً بشراءِ فرس فاشترى فرساً يصلحُ للملوكِ لا يلزمُه.
والثالثة: جهالةٌ متوسِّطةٌ؛ وهي ما يكون بين الجنسِ والنوع، كما إذا وكَّلَه بشراءِ عبدٍ أو جاريةٍ إن بيَّنَ الثمنَ أو الصفة، بأن قال: تركيّاً أو هنديّاً أو روميّاً صحَّت الوكالة، وإن لم يبّين الثمن أو الصِّفة لا يصحّ؛ لأنَّ اختلافَ العبدِ والجواري أكثرُ من اختلافِ سائرِ الأنواع، وعادةُ الناسِ في ذلك مختلفة، فكانت بين الجنسِ والنوع، وكذا الدارُ الملحقة بالجنسِ من كلِّ وجه؛ لأنّها تختلفُ بقلَّة المرافقِ وكثرتها، فإن بيَّن الثمنَ ألحقتْ بجهالةِ النوع، وإن لم يبيّن ألحقت بجهالةِ الجنس. ينظر: «فتح القدير» (٨: ٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>