للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الدعوى]

هي إخبارٌ بحقٍّ له على غيرِه، والمدَّعي: مَن لا يُجْبَرُ على الخصومة، والمدَّعى عليه: مَن يجبر، وهي إنَّما تصحُّ بذكرِ شيءٍ عُلِمَ جنسُهُ وقدرُه، وإنَّهُ في يدِ المدَّعى عليه، وفي المنقولِ يزيدُ بغيرِ حقٍّ

[كتاب الدعوى]

(هي إخبارٌ بحقٍّ له على غيرِه، والمدَّعي: مَن لا يُجْبَرُ على الخصومة، والمدَّعى عليه: مَن يجبر)، لَمَّا فسَّرَ الدَّعوى، كان (المدَّعي على هذا التَّفسير هو المخبرُ بحقٍّ له على غيرِه) (١).

فقولُهُ: المدَّعي مَن لا يجبرُ على الخصومة؛ تفسيرٌ آخرُ ذكرَهُ بعضُ المشايخِ - رضي الله عنهم -، وقد قيل: المدَّعي: مَن يلتمسُ خلافَ الظَّاهر، وهو الأمرُ الحادث، والمدَّعى عليه: مَن يتمسَّكُ بالظَّاهر، كالعدمِ الأصليّ، لكنَّ الاعتبارَ في هذا للمعنى حتى أنَّ المودَعَ إذا ادَّعى ردَّ الوديعة، فهو مدَّعٍ في الظَّاهر، لكنَّهُ في المعنى منكرٌ للضَّمان (٢).

(وهي إنَّما تصحُّ بذكرِ شيءٍ عُلِمَ جنسُهُ وقدرُه)، هذا في دعوى الدَّينِ لا في دعوى العين؛ فإنَّ العينَ إن كانت حاضرةً تكفي الإشارةُ بأنَّ هذا ملكٌ لي، وإن كانت غائبةً يجبُ أن يصفَها ويذكرَ قيمتَها، (وإنَّهُ في يدِ المدَّعى عليه)، هذا يختصُ بدعوى الأعيانِ، (وفي المنقولِ يزيدُ بغيرِ حقٍّ)، فإنَّ الشَّيءَ قد يكونُ في يدِ غيرِ المالكِ بحقٍّ كالرَّهنِ في يدِ المُرْتَهِن، والمبيعِ في يدِ البائع لأجلِ الثِّمن.


(١) في النسخ قدمت على: والمدعي من، والمثبت من أ و م.
(٢) بيانه: أن المراد بالأمر الحادث كونه محتاجاً إلى الدليل في ظهوره ووجوده، وبالعدم الأصلي عدم كونه محتاجاً إليه أصلاً، فلا يعرض على من له اليد حقّ المدَّعي بمجرد دعواه، كما لا يعرضُ الوجودُ على العدم الأصلي، فلم يلزم عليه، فالمودَعُ الذي يدعي ردَّ الوديعةِ إلى المودِع لا يكون مدَّعياً حقيقةً، وكذا لا يكون المودِع بإنكاره الرد منكراً حقيقةً؛ لأنه بإنكاره يدَّعي شغل ذمَّة المودِع معنىً، وكذا المودَع بادعائه الرد ينكر الشغل معنىً؛ ليفرغ ذمَّته عن الضمان، فيجبر على الخصومة فيما أنكرَه معنى من الضمان؛ لكونه مدَّعى عليه فيصدق قوله مع اليمين إذ الاعتبار للمعاني دون الصور. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٢٥٠ - ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>