للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في خيار الرؤية]

صَحَّ شراءُ ما لم يرَهُ، ولِمْشَتَرِيِهِ الخِيارُ عندها إلى أن يُوجَدَ مُبْطِلُه وإن رَضِيَ قبلَها، لا لبائِعِه، ويُبْطِلُهُ، وخيارُ الشَّرطِ تَعْيُّبُهُ وتصرُّفٌ لا يُفْسَخُ كالإعتاقِ والتَّدْبير، أو يُوجِبُ حقَّاً لغيرِهِ كالبيعِ المطلقِ، والرَّهنُ والإجارةُ قبلَ الرُّؤيةِ أو بعدها، وما لا يُوجِبُ حقَّاً لغيرِهِ كالبيعِ بالخِيارِ، والمساومةِ، والهِبةِ بلا تسليمٍ يُبْطِلُ بعدَها لا قبلَها

فصل (في خيار الرؤية) (١)

(صَحَّ شراءُ ما لم يرَهُ): خلافاً للشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه -، (ولِمْشَتَرِيِهِ الخِيارُ عندها): أي عند الرُّؤية، (إلى أن يُوجَدَ مُبْطِلُه وإن رَضِيَ قبلَها): أي إن رَضِيَ قبلَ الرُّؤيةِ يكونُ له حقٌّ الفسخ (٣) إذ رآه، لكن لو فسخَ قبلَ الرُّؤيةِ ينفذُ الفسخ؛ بحكمِ أنَّهُ عقدٌ غيرُ لازمٍ حتى لا يجوز إجازتُهُ عند الرُّؤية، (لا لبائِعِه): أي إذا باعَ شيئاً لم يَرَهُ لا يكونُ له الخِيارُ إذ رآه (٤).

(ويُبْطِلُهُ، وخيارُ الشَّرطِ تَعْيُّبُهُ (٥) وتصرُّفٌ لا يُفْسَخُ كالإعتاقِ والتَّدْبير، أو يُوجِبُ حقَّاً لغيرِهِ كالبيعِ المطلقِ): أي بدونِ شرطِ الخِيارِ، (والرَّهنُ والإجارةُ قبلَ الرُّؤيةِ أو بعدها): أَي هذه التَّصرُّفاتُ تبطِلُ خِيارَ الرُّؤيةِ سواءٌ كانت قبلَ الرُّؤيةِ أو بعدها.

(وما لا يُوجِبُ حقَّاً لغيرِهِ كالبيعِ بالخِيارِ، والمساومةِ (٦)، والهِبةِ بلا تسليمٍ يُبْطِلُ بعدَها لا قبلَها): لأنَّ هذه التَّصرُّفاتُ لا تدلُّ على صريحِ الرِّضاء، وهو إنَّما يُبْطِلُهُ بعد


(١) زيادة من أ و ب و م.
(٢) ينظر: «أسنى المطالب» (٢: ١٨)، و «الغرر البهية» (٢: ٤١١)، و «المحلي» (٢: ٢٠٥)، وغيره.
(٣) زيادة من ص و م.
(٤) والفرقُ أنَّ المشتري إنما يردُّ المبيعَ بحكمِ عدمِ الرؤية باعتبارِ فوات وصف مرغوبٍ فيه عنده، وهذا يوجبُ الخيار، والبائعُ إنّما يردّه باعتبارِ أنّ المبيعَ أزيدَ ممّا ظنّه، وهذا لا يوجب الخيار له، كما لو باعَ عبداً على أنّه معيب، فإذا هو سليم؛ فإنّه لا يثبتُ له الخيار بالإجماع. ينظر: «كمال الدراية» (ق ٣٧٧).
(٥) أي ويبطل خيار الرؤية وخيار الشرط تعيب المبيع بتعد أو غيره عند المشتري دفعاً للضرر عن البائع؛ لأنه خرج عن ملكه سليماً فلا يعود إليه معيباً. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٣١٧).
(٦) المساومة: العرض على البيع. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>