للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الوكالة]

جازَ التَّوكيل: وهو تفويضُ التَّصرُّفِ إلى غيرِه، وشرطُهُ أن يملكَهُ الموكِّلُ، ويعقلَهُ الوكيلُ ويقصدَه، فصحَّ توكيلُ الحرِّ البالغِ أو المأذونِ مثلَهما، وصبيّاً يعقلُ، وعبداً محجورينِ في التصرُّف، ويرجعُ حقوق العقد إلى موكِّلهما دونَهما

[كتاب الوكالة]

(جازَ التَّوكيل: وهو تفويضُ التَّصرُّفِ إلى غيرِه، وشرطُهُ أن يملكَهُ الموكِّلُ)، الضَّميرُ المنصوبُ يرجعُ إلى التَّصرُّف، والظَّاهرُ أنَّ المرادَ مطلقُ التَّصرُّف، فإن عبارةَ «الهداية» هكذا: ومن شرطِ الوكالةِ أن يكونَ الموكِّلُ ممَّن يملِكُ التَّصْرُّفَ بأن يكونَ حُرّاً بالغاً، أو مأذوناً (١). وإن أُريد بالتَّصرُّف التَّصرُّفُ الذي وُكِّلَ به لا مطلقُ التَّصرُّف يكونُ قولُهما لا قول أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، فإنَّ المسلمَ إذا وَكَّلَ الذَّمي ببيعِ الخمرِ، يجوزُ عنده لا عندهما، (ويعقلَهُ الوكيلُ ويقصدَه): أي يعقلُ أن البيعَ سالبٌ للملك، والشَّراءَ جالبٌ له، ويعرفُ الغُبْنَ اليسيرَ من الفاحش، ويقصدُ (٢) العقدَ حتَّى لو تصرَّف هازلاً، لا يقع عن الأمرِ.

(فصحَّ توكيلُ الحرِّ البالغِ أو المأذونِ مثلَهما)، ولو قال كلاً منهما، لكان أشمل لتناولِهِ توكيلَ الحرِّ البالغِ مثله والمأذون، وتوكيلُ المأذونِ مثلَهُ والحرَّ البالغِ، والمرادُ بالمأذونِ الصَّبي العاقلُ الذي أذنَهُ الوليُّ، والعبدُ الذي أذنَهُ المولى، (وصبيّاً يعقلُ، وعبداً محجورينِ (في التصرُّف) (٣)، ويرجعُ حقوق العقد إلى موكِّلهما دونَهما): أي إذا وَكَّلَ الحرُّ البالغُ، أو المأذونُ صبيّاً محجوراً، أو عبداً محجوراً يرجعُ حقوقُ العقدِ إلى مؤكِّلهما، ولا يرجع إليهما (٤).


(١) انتهت عبارة «الهداية» (٣: ١٣٧) بتصرف.
(٢) قال في «المنح» (ق ٢: ١٤٢/ب): وأما تفسيرُهم بالقصد؛ للاحترازِ عن بيعِ الهازلِ والمكره، فخارج عن المقصود؛ لأنَّ الكلامَ الآن في صحَّةِ الوكالة، لا في صحَّةِ بيعِ الوكيل؛ ولذا تركَه في «الكَنْز» (ص ١٣٢)، وتركناه في «المختصر» (ص ١٥٦) أيضاً. انتهى.
(٣) زيادة من أ.
(٤) لأنها لمّا تعذَّر رجوعها إليهما لإضرار الصبَيّ المبعد من المضارّ وإضرار سيد العبد رجعت إلى أقرب الناس إلى هذا التصرّف، وهو المؤكِّل، إلا أنّ الحقوق تلزم العبد المحجور بعد العتق؛ لأن المانع حقّ المولى وقد زال بالعتق ولا يلزم الصبي بعد البلوغ؛ لأن المانع حقُّه، وحق الصبي لا يبطل بالبلوغ. ينظر: «كمال الدراية» (ق ٥٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>