للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل في التعزيز]

أكثرُهُ تسعةٌ وثلاثونَ سوطاً، وأقلُّه ثلاث، وصحَّ حبسُهُ مع ضربِه، وضربُهُ أشدّ، ثُمَّ للزِّنا، ثُمَّ للشُّرب، ثُمَّ للقذف

وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - إن اختلفَ المقذوف، أو المقذوفُ به، وهو الزِّنا، كما إذا قذفَ زيداً وعمراً، أو قذفَ زيداً بزنا ثُمَّ بزنا آخر لا يتداخل، أمَّا إذا قذفَ زيداً بزنا واحد، وكرَّر هذا القذفَ يتداخل، وهذا بناءً على أنَّ حقَّ العبدِ فيه غالبٌ عنده.

وأمَّا عندنا لمَّا كان حقُّ اللهِ تعالى غالباً يتداخلُ إذ المقصودُ الانزجار، أمَّا إذا اختلفت الجنايات، فالمقصودُ من كلِّ واحدٍ غيرُ مقصودٍ من الآخر، فلا يتداخل.

فصل في (٢) التعزيز

وهو تأديبٌ دون الحدّ، وأصلُهُ من العزر، بمعنى الرَّدِّ والرَّدع، (أكثرُهُ تسعةٌ وثلاثونَ سوطاً، وأقلُّه ثلاث): لأنَّ التَّعزيرَ ينبغي أن لا يبلغَ الحدّ، وأقلُّ الحدِّ أربعون، وهي حدُّ العبدِ في القذف والشُّرب، وأبو يوسف - رضي الله عنه - اعتبرَ حدَّ الأحرار، وهوثمانون، ونقصَ عنها سوطاً في رواية، وخمسة في رواية.

(وصحَّ حبسُهُ مع ضربِه، وضربُهُ أشدّ (٣)، ثُمَّ للزِّنا (٤)، ثُمَّ للشُّرب، ثُمَّ للقذف): قالوا: ليحصلَ الانْزجار بالتَّعزير، وحدُّ الزِّنا ثابتٌ بالنَّص، وحدُّ الشَّرب ثَبَتَ بإجماع الصَّحابة - رضي الله عنهم -، وسببُهُ متيقَّن، وسببُ حدِّ القذفِ محتمل؛ لاحتمالِ الصَّدق.

أقول: حدُّ القذفِ ثابتٌ بالنّص، وهو قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (٥)


(١) في كتب الشافعية: لا يتكرر الحد بتكرر القذف ولو صرح فيه بزنا آخر، أو قصد به الاستئناف، أو غاير بين الألفاظ لاتحاد المقذوف، وإن قذفه فحد ثم قذفه ثانياً بذلك الزنا عزر. ينظر: «التنبيه» (ص ١٤٩)، و «أسنى المطالب» (٣: ٣٨٢)، و «فتوحات الوهاب» (٤: ٤٣١)، وغيرها.
(٢) زيادة من ف و ق.
(٣) أي ضرب التعزيز أشد من ضرب الحدود؛ لأن ضرب التعزير خفِّف من الكمية فلا يخفَّف من حيث الكيفية؛ لئلا يؤدّي إلى فوت المقصود الذي هو الزجر بالكلية. ينظر: «فتح باب العناية» (٣: ٢٢٣).
(٤) أي ضرب الزنا أشد من الباقي …
(٥) من سورة النور، الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>