للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثامن

مؤلفات صدر الشريعة

بلغ رحمه الله ما بلغ من المنْزلة العالية في العلوم، وأتقن الفنون؛ لِمَا أعطاه الله تعالى من الذهن الثاقب والملكة القويّة؛ ولما وجدَ من الاعتناء به من قبل جدِّه صاحب «الوقاية»، فكان مرجعاً للعلماء، وكتبه محطّ أنظار الفقهاء، فسارت بها الركبان إلى كلِّ مكان.

ولم تختص مؤلفاته بعلم من العلوم فحسب، بل شملت أمَّهات فنون زمانه، والعلوم التي تدرس في أوانه، وكلٌّ من كتبه معتمد في فنِّه، والمعوَّل عليه في تحقيق مسائله، حتى قال اللَّكنوي (١) عنها: كلُّ تصانيف صدر الشريعة مقبولة عند العلماء، معتبرة عند الفقهاء. انتهى.

وهذا القبول الذي لقيته كتبه في مختلف العلوم يرجعُ إلى أمرين:

الأول: متانته في العلم، وقوَّة تحريره للمشكلات، وتمييزه بين مسائل العلم المعتبرة وإتيانه بها دون غيرها، وإيراده للنكات والأبحاث التي لم يُسبق إليها، واعتراف من بعده له بطول باعه ورسوخ قدمه في العلم.

والثاني: إخلاصه وصدقه مع الله تعالى، وهذا أمرٌ قلبيٌّ لا يطَّلِعُ عليه إلاَّ علاّم الغيوب، ولكن نلمسُه من القبول الذي يرزقه الله لبعض الكتب دون سواها، والله أعلم.

ومؤلفاته هي:

الأول: «تنقيح الأصول» المشهور بـ «التنقيح»، وهو متنٌ متينٌ في علم أصول فقه المذهب الحنفي، نسبه لنفسه بهذا الاسم في ديباجته (٢)، وفي ديباجة شرحه (٣) له، ونسبه إليه مَن ترجمَ (٤) له.


(١) في «الفوائد» (ص ١٨٩).
(٢) أي «التنقيح» (١: ٥١).
(٣) المسمَّى «التوضيح في حل غوامض التنقيح» (١: ٣١).
(٤) مثل: صاحب «الجواهر المضية» (٤: ٣٦٩)، «تاج التراجم» (ص ٢٠٣)، و «مفتاح السعادة» (٢: ١٧٠)، و «طبقات ابن الحنائي» (ق ٢٦/أ)، و «كتائب أعلام الأخيار» (ق ٢٨٧/أ)، و «الأثمار الجنية» (٣٦/أ)، و «الفوائد» (ص ١٨٥)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>