للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال: لي بيِّنةٌ حاضرةٌ، وطلبَ حلفَ الخصمِ لا يحلفُ ويكفلُ بنفسِهِ ثلاثةَ أيَّام، فإن أبى لازمَه، والغريبُ قَدْرَ مجلسِ الحكمِ، ولا يكفلُ إلاَّ إلى آخر المجلس.

[[فصل في كيفية اليمين والاستحلاف]]

والحلفُ باللهِ لا بالطَّلاق والعتاق، فإنَّ ألح الخصمُ، قيل: صحَّ بهما في زماننا

النَّفس (١) هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وأمّا (٢) عندهما: يلزمُ الأرشُ في النَّفس وما دونها، فإن النّكولَ إقرارٌ فيه شبهةٌ، فلا يثبتُ به القصاص، بل يلزمُ المال.

(فإن قال: لي بيِّنةٌ حاضرةٌ) (٣): أي في المصر، حتَّى لو قال: لا بيِّنةَ لي، أو شهودي غُيَّبٌ، يحلفُ ولا يكفل، (وطلبَ حلفَ الخصمِ لا يحلفُ ويكفلُ بنفسِهِ ثلاثةَ أيَّام، فإن أبى لازمَه): أي إن أبى الخصمُ عن إعطاء الكفيلِ لازمه المدَّعي ثلاثةَ أيَّام، ثُمَّ عطفَ على الضَّميرِ المنصوب في لازمَه قولُه: (والغريبُ قَدْرَ مجلسِ الحكمِ): أي لازمَ المدَّعي الغريبَ مقدارَ ما يكونُ القاضي جالساً في المحكمة (٤)، (ولا يكفلُ إلاَّ إلى آخر المجلس): أي إن أخذَ منه الكفيلَ لا يؤخذُ إلاَّ إلى آخرِ مجلسِ الحكم، فإن أتى بالبيِّنة فيها، وإلاَّ يُحَلِّفَهُ إن شاء أو يدعَه.

[[فصل في كيفية اليمين والاستحلاف]]

(والحلفُ باللهِ لا بالطَّلاق والعتاق، فإنَّ ألح الخصمُ، قيل: صحَّ بهما في زماننا) (٥):


(١) بيانه: إنَّ الأطرافَ خُلِقَتْ وقايةً للنَّفسِ كالأموال، فلذا يسلكُ بها مسلكَ الأموالِ حتى أبيحَ قطعُها للحاجة، ولا يجبُ على القاطعِ الضمان إذا قطعَها بأمرِهِ بخلافِ النَّفس، فإنّه لو قتلَهُ بأمرِهِ يجبُ عليه القصاصُ في رواية، والديةُ في أخرى، وإذا سلكَ بها مسلكَ الأموالِ يجري فيها البذلُ كالأموال إلاَّ أنّه لا يجوزُ قطعُها بلا فائدة، وهذا البذلُ مفيدٌ لدفعِ الخصومة. ينظر: «التبيين» (٤: ٣٠٠).
(٢) أما: زيادة من أ.
(٣) هذا إذا كانت البينة حاضرة في المصر غائبة عن مجلس الحكم حتى لو كانت غائبة عن المصر يحلف، أو كانت في مجلس الحكم لا يحلف. ينظر: «فتح باب العناية» (٣: ١٦٧).
(٤) لأن هذا القدر يحصلُ به النظر للمدَّعي، فأمّا في إمساكه على باب القاضي يوماً أو أكثر؛ ليحضر المدَّعي بيّنة ضرر على المطلوب، فإذا جاء أوان قيام القاضي عن المجلس ولم يحضر المدّعي بينة، فإن القاضي يحلِّفَه ويخلِّي سبيل المطلوب ليذهب حيث شاء. ينظر: «الزبدة» (٣: ٢٠٩).
(٥) إنما أتى بصيغة التمريض؛ لأن أكثر مشايخنا لم يجوِّزوه، وفي «البحر»: الفتوى على عدم التحليف بالطلاق والعتاق، وهو ظاهر الرواية، وفي «الخانية»: ومنهم من جوَّزه في زماننا، والصحيح ما في ظاهر الرواية، وفي «التتارخانية»: والفتوى على جواز الحلف بالطلاق والعتاق. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢٥٩)، و «الدر المختار» (٤: ٤٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>