للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصَّتَه، فإن قُضِيَ دينُ أحدهما، فكلُّه رهنٌ للآخر، وإن رهنا رجلاً رهناً بدينٍ عليهما صحَّ بكلِّ الدَّين، ويمسكُه إلى قبضِ الكلّ، وبطلَ حجَّةُ كلٍّ منهما أنَّه رهنَ هذا منه وقبضَه، ولو ماتَ راهنُهُ والرهنُ معهما، فبرهنِ كلٍّ كذلك كان مع كلٍّ نصفَهُ رهناً بحقِّه.

[باب الرهن عند عدل]

يتمُّ الرّهنُ بقبضِ عدلٍ شُرِطَ وضعُه عنده

حصَّتَه)، فإنّ عند الهلاكِ يصيرُ كلٌّ مستوفياً حصَّته، والإستيفاءُ ممَّا يتجزَّئ، (فإن قُضِيَ دينُ أحدهما، فكلُّه رهنٌ للآخر)؛ لما مرَّ أنّ كلَّه رهنٌ عند كلِّ واحد.

(وإن رهنا رجلاً رهناً بدينٍ عليهما صحَّ بكلِّ الدَّين، ويمسكُه إلى قبضِ الكلّ)، وإنَّما صحَّ هذا؛ لأنَّ قبضَ الرهنِ وقعَ في الكلِّ بلا شيوع.

(وبطلَ حجَّةُ كلٍّ منهما أنَّه رهنَ هذا منه وقبضَه)، هذه مسألة مبتدأة لا تعلُّق لها بما سبق، وصورتها: أنّ كلَّ واحدٍ من الرَّجلينِ ادَّعى أنَّ زيداً رهنَ هذا العبدَ من هذا المدِّعي وسلَّمه إليه، وأقامَ على ذلك بيِّنة تبطلُ حجَّةُ كلِّ واحد؛ لأنَّه لا يمكنُ القضاءُ لكلِّ واحدٍ منهما، ولا لأحدهما؛ لعدمِ أولويَّته، ولا إلى القضاء لكلٍّ بالنصفِ للشيوع (١).

(ولو ماتَ راهنُهُ والرهنُ معهما، فبرهنِ كلٍّ كذلك كان مع كلٍّ نصفَهُ رهناً بحقِّه)، هذا قولُ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - ومحمَّد - رضي الله عنه - وهو إستحسان، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - هذا باطل، وهو القياسُ كما في الحياة، وجه الاستحسانِ: أنّ حكمَهُ في الحياةِ هو (٢) الحبسُ، والشيوعُ يضرُّه، وبعد المماتِ الاستيفاءُ بالبيعِ في الدَّين والشيوعُ لا يضرُّه (٣).

[باب الرهن عند عدل]

(يتمُّ الرّهنُ بقبضِ عدلٍ شُرِطَ وضعُه عنده)، هذا عندنا، وقال مالك (٤) - رضي الله عنه -: لا


(١) لأنّه يؤدي إلى الشيوعِ فتعذَّرَ العملُ بهما، وتعيَّنَ التهاتر. ينظر: «الدرر» (٢: ٢٥٤).
(٢) زيادة من ب، وفي م: وهو.
(٣) إذ بعد الممات ليس له الحكم إلا الاستيفاء بأن يبيعه في الدين شاع أو لم يشع. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٥٩٩).
(٤) ينظر: «الشرح الصغير» (٣: ٣١٣)، و «شرح كفاية الطالب» (٢: ٢٧٢)، و «الفواكه الدواني» (٢: ١٦٥)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>