للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن شرى شيئاً على أن يرهن شيئاً، أو يعطيَ كفيلاً بعينهما من ثمنِهِ وأبى صحَّ استحساناً، ولا يجبرُ على الوفاء، وللبائعِ فسخُه إلاَّ إذا سَلَّمَ ثمنَه حالاً، أو قيمةُ الرهن رهناً، فإن قال لبائعه: أمسك هذا حتى أعطيَ ثمنك فهو رهن، وإن رهنَ عيناً من رجلين بدينٍ لكلٍّ منهما صحّ، وكلُّه رهنٌ من كلٍّ منهما، وإذا تهايئا فكلٌّ في نوبتِهِ كالعدلِ في حقِّ الآخر، ولو هلكَ ضَمِنَ كلٌّ

(ومَن شرى شيئاً (١) على أن يرهن شيئاً، أو يعطيَ كفيلاً بعينهما من ثمنِهِ وأبى (٢) صحَّ استحساناً)، والقياسُ أن لا يجوز؛ لأنَّه صفقةٌ في صفقة، وجه الاستحسان: أنّه شرطٌ ملائم؛ لأنّ الكفالةَ والرهنَ للاستيثاق (٣)، والإستيثاقُ ملائمٌ للوجوب، وإنَّما قال بعينهما؛ لأنَّه لو لم يكن الرهنُ أو الكفيلُ معيَّناً يفسدُ البيع، (ولا يجبرُ على الوفاء)، هذا عندنا؛ لأنَّه لا جبرَ على التبرُّعات، وعند زفرَ - رضي الله عنه -: يجبر؛ لأنَّ الرهنَ إذا شرطَ في البيعِ صارَ حقَّاً من حقوقِهِ كالوكالةِ المشروطةِ في الرهن، (وللبائعِ فسخُه إلاَّ إذا سَلَّمَ ثمنَه حالاً، أو قيمةُ الرهن رهناً)، إذ عندنا لمَّا صحَّ الشرطُ فإنّه وصفٌ مرغوبٌ فيه (٤) فبفواتِهِ يكون للبائعِ حقُّ الفسخ.

(فإن قال لبائعه: أمسك هذا حتى أعطيَ ثمنك فهو رهن): أي أعطى المشتري البائعَ شيئاً غيرَ مبيعِه، وقال: أمسكْ هذا حتَّى أعطيَ ثمنك يكون رهناً؛ لأنَّه تلفَّظَ بما ينبئُ عن الرهن، والعبرةُ للمعاني، وعند زفرَ - رضي الله عنه - لا يكونُ رهناً.

(وإن رهنَ عيناً من رجلين بدينٍ لكلٍّ منهما صحّ، وكلُّه رهنٌ من كلٍّ منهما): أي يصيرُ كلُّهُ محبوساً بدينِ كلِّ واحد، لا أنّ نصفَه يكون رهناً عند هذا، ونصفَه عند ذلك، وهذا بخلافِ الهبةِ من رجلين، حيث لا يصحُّ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، فإنّ الأوَّل لا يقبلُ الوصفَ بالتجزئ بخلافِ الهبة.

(وإذا تهايئا فكلٌّ في نوبتِهِ كالعدلِ في حقِّ الآخر (٥)، ولو هلكَ ضَمِنَ كلٌّ


(١) زيادة من أ و ب.
(٢) أي للمشتري أن يرهن ما سماه أي يعطي كفيلاً سمَّاه. ينظر: «الدرر» (٢: ٢٥٣)
(٣) زيادة من ص.
(٤) زيادة من ف.
(٥) يعني إذا تهايئا رهناً فأمسك هذا يوماً والآخر يوماً، فإن كلَّ واحدٍ منهما في اليوم الذي أمسكَه كالعدل في حقّ الآخر. ينظر: «شرح ابن ملك» (ق ٢٩٩/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>