للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الطهارة]

قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية

كتاب الطهارة (١)

اكتفى بلفظِ الواحدِ مع كثرةِ الطَّهارات؛ لأنَّ الأصلَ أنَّ المصدرَ لا يُثنَّى ولا يُجْمَعُ؛ لكونِها (٢) اسمُ جنسٍ (٣) يشملُ جميعَ أنواعِها، وأفرادِها، فلا حاجةَ إلى لفظِ الجمع.

(قال اللهُ تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية (٤)) افتتحَ الكتابَ بهذه الآيةِ تيمُّناً؛ ولأنَّ الدَّليلَ أصل، والحكمُ فرعُه، والأصلُ مقدَّمٌ بالرُّتبةِ على الفرع. ثمَّ لمَّا كانت الآيةُ دالَّةً على فرائضِ (٥) الوضوء (٦)، أدخلَ فاءَ التَّعقيبِ في قوله:


(١) وجَّه عبد الحي اللكنوي في «السعاية» (ص ٢٤) اختيار صاحب «الهداية»: الطهارات، واختيار صاحب «الوقاية»، فقال: مرجِّحُ أحد المسلكين هو التصور بوجه ما، فإن المصنف تصور الطهارة بأنها مصدر جنس، فمال قصده إلى إفراده، وصاحب «الهداية» تصور بأنه كثير الافراد، فمال قصده إلى جمعه، وهذا هو غرض الشارح من تبيان الأصل.
(٢) لا وجه لتأنيث الضمير في لكونها؛ لأنه لا يصلح رجوع الضمير إلى الطهارة، بل يجب أن يرجع إلى المصدر. ينظر: «حاشية عصام الدين على شرح الوقاية» (ق ٣/أ).
(٣) اسم الجنس هو ما دلّ على الماهية المطلقة الصادقة على القليل والكثير، ويسمّى اسم جنس إفرادياً، وبهذا المعنى يطلق على المصادر كلّها وعلى مثل ماء وعسل ونحوهما؛ لذا قيل: إن المصادر لا تثنّى ولا تجمع ولا تؤنَّث، ومَن جمعَ أو ثنَّى لا بدّ أن يكون قد ارتكب تأويلاً، وقوله: لكونها؛ علةٌ لقوله: لأن الأصل أن المصدر. والله أعلم. أفاده الشيخ قاسم بن نعيم الحنفي.
(٤) المائدة، الآية (٦)، وتتمتها: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ … }.
(٥) استعمل صاحب «التنوير» (١: ٦٣)، وصاحب «المراقي» (ص ٩٧)، وصاحب «الهداية» (ص ٢٣) أركان بدل فرائض، وهو حسن في دلالة الركن على المراد.
(٦) قال السُّهَيلي: كانت فريضة الوضوء بمكة، ونزلت آيته بالمدينة، أخرج الطبراني في «المعجم الأوسط» (٤: ١٧٤)، والبزار في «مسنده» (٤: ١٦٧)، وغيرهم، عن أسامة بن زيد أنَّ أباه حدَّثه: (أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أوَّل ما أوحي إليه أتاه جبرائيل فعلمه الوضوء … ) وزعم ابنُ الجَهْم المالكي أنه كان مندوباً قبل الهجرة، وابنُ حزم أنه لم يشرع إلى في المدينة. ينظر: «فتح باب العناية» (١: ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>