للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[كتاب الأيمان]

وهي ثلاث، فحلفُهُ على فعلٍ أو تركٍ ماضٍ كاذباً عمداً غَموس

[كتاب الأيمان]

اليمينُ (١) تقوي الخبرَ بذِكْرِ الله، أو التَّعليق (٢)، (وهي ثلاث): أي الأيمانُ التَّي اعتبرَها الشَّرعُ ورتَّبَ عليها الأحكام ثلاث، وإنِّما قلنا هذا؛ لأنَّ مطلقَ اليمينِ أكثرُ من الثَّلاث، كاليمينِ على الفعلِ الماضي صادقاً، وعَنَيْنَا بترتُّبِ الأحكامِ عليها ترتُّبِ المؤاخذةِ على الغَمُوس، وعدمِها على اللَّغو، والكفارةِ على المنعقدة.

(فحلفُهُ على فعلٍ أو تركٍ ماضٍ كاذباً عمداً غَموس)، يمكن أن يرادَ بالفعلِ مصطلحُ أهلِ النحاة (٣)، أو مصطلحُ أهلِ الكلام (٤)، وهو المصدرُ أعمُّ من أن يكون قائماً بالعقلاء أو بالجمادات، نحو: واللهُ لقد هبَّتِ الرَّيح.

فإن قلتَ إذا قيل: والله إن هذا حجر، كيف يصحُّ أن يقالَ: هذا الحلفُ على الفعل.

قلتُ: يقدَّرُ كلمةُ كان، أو يكون إن أريدَ في الزَّمانِ الماضي، أو المستقبل (٥).


(١) اليمين: عبارة عن عقد قوي به عزم الحالف على الفعل أو الترك. ينظر: «التنوير» (٣: ٤٥).
(٢) التعليق: وهو تعليق الجزاء بالشرط نحو إن فعلت فكذا، أو إن لم أفعل فكذا، والمقصود منه تقوية عزم الحالف على الفعل أو الترك، وهذا ليس بيمين وضعاً، وإنما سمّي بها عند الفقهاء لحصول معنى اليمين به وهو الحمل أو المنع. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٣٨).
(٣) ويرد عليه أن مقابلة الفعل بالترك تأبى حمل الفعل على الفعل النحوي، فالأولى أن يحمل على المعنى اللغوي. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ٢٣٠).
(٤) وفي مصطلح أهل الكلام إما أن يراد به ما هو بالإخبار فيأباه شموله فعل الجماد، وإما أن يراد التأثير فلا يشمل الانفعالات، وكون الشيء حجراً مع أنه صرح بشموله فالأولى أن يراد الفعل الذي قال. ينظر: «حاشية عصام الدين» (ق ١٤١/أ).
(٥) المشهور في عبارة القوم أن الغموس حلف على فعل أو ترك ماض كاذبا عمداً، وقد صرح شراح «الهداية» وغيرهم: إن ذكر الفعل والمضي ليس بشرط بل هو بناء على الغالب، فلا حاجة إلى تكلّف ارتكبه صدر الشريعة حيث قال: فإن قلت إذا قيل: والله إن هذا حجر … على أن اعتبار الماضي أو الاستقبال في هذا الحلف باطلٌ لتعيّن إرادة الحال. فتدبر. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>