مُحَمَّد بن الحَسَن بن فرقد الشَّيْبَانِيّ، أبو عبد الله، ولد سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وكان ذكياً متقد الذهن، سريع الخاطر، قوي الذاكرة، ذا نفس وثابة إلى المعالي، جميل
الخلق والخُلق للغاية، سميناً خفيف الروح، ممتلئاً صحة وقوة، نشأ في بلهنية العيش ببيت والده السري الثري بالكوفة، ولما بلغ سن التمييز تعلم القرآن الكريم وحفظه، وأخذ يحضر دورس اللغة العربية، وكانت الكوفة إذ ذاك مهد العلوم العربية.
وأخذ الحديث من أبي حنيفة - رضي الله عنه - وأبي يوسف - رضي الله عنه - وغيرهما من مشايخ الكوفة والبصرة والمدينة ومكة والشام وبلاد العراق بل جمع إلى علم أبي حنيفة وأبي يوسف علم الأوزاعي والثوري ومالك - رضي الله عنهم - حتى أصبح إماماً لا يبلغ شأوه في الفقه، قوياً في التفسير والحديث، حجة في اللغة باتفاق أهل العلم، وهو القائل ورثت ثلاثين ألفاً فصرفت نصفها في اللغة والشعر والنصف الآخر في الفقه والحديث.
قال الذَّهَبِيّ: كان من أذكياء العالم، قال الشافعي: ما رأيت أعقل ولا أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أحسن نطقاً وإيراداً من محمد بن الحسن، وقال: لو أشاء أن أقول إن القرآن نزل بلغة محمد الحسن لقلته لفصاحته، وقال: ما رأيت سميناً أخف روحاً من محمد ابن الحسن وما رأيت أفصح منه، وقال الطحاوي: كان حزبه في كل يوم وليلة ثلث القرآن.
ومؤلفاته هي المعتمدة في المذهب، وعليها التعويل في الفتوى، وتعدُّ هي الأساس في تدوين الفقه الإسلامي في مختلف المذاهب على ما عرف في محلِّه.
توفِّي رحمه الله تعالى سنة تسع وثمانين ومئة للهجرة.