للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا أخذ لأحدهما منه، وضمنَ بدفعه إلى أحدهما، وهلكُهُ معه هلكُ رهن، فإنْ وكِّلَ العدلُ أو غيرُه ببيعِهِ إذا حلَّ أجلُهُ صحَّ، فإن شرط في الرهنِ لا ينعزلُ بالعزل، ولا بموتِ الراهنِ أو المرتهن، بل بموتِ الوكيل، له بيعُهُ بغيبةِ ورثته، ولا يبيعُ الراهنُ أو المرتهنُ إلا برضا الآخر. فإن حلَّ أجلُهُ وراهنُهُ غائبٌ أجبرَ الوكيلُ على بيعِه، كوكيلٍ بالخصومةِ غابَ موكِّله وأباها

يجوز؛ لأنَّ يدَه يدُ المالك؛ ولهذا يرجعُ عليه عند الاستحقاق، فانعدمَ القبض، قلنا: يدُه على الصورةِ (١) يدُ المالك، وفي الماليَّةِ يدُ المرتهن؛ لأنَّ يدَه يدُ ضمان، والمضمونُ الماليَّة، فَنُزِّلَ منْزلةَ شخصين، (ولا أخذ لأحدهما منه، وضمنَ بدفعه إلى أحدهما، وهلكُهُ معه هلكُ رهن، فإنْ وكِّلَ العدلُ أو غيرُه ببيعِهِ إذا حلَّ أجلُهُ صحَّ، فإن شرط): أي التوكيل، (في الرهنِ لا ينعزلُ بالعزل (٢)، ولا بموتِ الراهنِ أو المرتهن، بل بموتِ الوكيل)، سواء كان الوكيل المرتهنَ أو العدلَ أو غيرَهما، وإذا ماتَ الوكيلُ لا يقومُ وارثُهُ أو وصيُّهُ مقامَه عندنا، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - إنّ وصيَّ الوكيلِ يملكُ بيعَه، (وله بيعُهُ بغيبةِ ورثته): أي للوكيلُ بيعُ المرهونِ بغيبةِ ورثةِ الراهن.

(ولا يبيعُ الراهنُ أو المرتهنُ إلا برضا الآخر): أي لا يكونُ للراهنِ بيعُ الرهنِ إلاَّ برضاءِ المرتهن، وأيضاً لا يكون للمرتهنِ بيعُ الرهن إلاَّ برضاءِ الراهن، بأن وكَّلَه أو باعَه، فأجازَ الراهنُ بيعَه (٣).

(فإن حلَّ أجلُهُ وراهنُهُ غائبٌ أجبرَ الوكيلُ على بيعِه، كوكيلٍ بالخصومةِ غابَ موكِّله وأباها)، فإنّ الوكيلَ يجبرُ على الخصومة، فالحاصلُ أنَّ الوكيلَ لا يجبرُ على التصرُّف، إلاَّ أنَّ في هذه الصورةِ إذا غابَ الراهنُ وأبى الوكيلُ عن البيع، فإنَّ المرتهنَ يتضرَّر، فيجبرُ الوكيلُ على البيع، كما يجبرُ على الخصومةِ إذا غابَ الموكِّل، فإنَّ الموكِّلَ


(١) يعني أنّ قبضَ العدل كقبض المرتهن، فيتمّ به الرهن، وهذا لأنّ اليدَ في (باب الرهن) على الصورةِ أمانة، وعلى المعنى مضمون. ينظر: «الكفاية» (٩: ١٠١).
(٢) لأنّها لمّا شرطت في ضمن عقد الرهن صار وصفاً من أوصافه وحقَّاً من حقوقه، ألا ترى أنّه لزيادة الوثيقة، فيلزم بلزوم أصله؛ ولأنّه تعلَّقَ به حقُّ المرتهن، وفي العزل إتواءُ حقّه، وصار كالوكيل بالخصومة بطلب المدعي. ينظر: «الهداية» (٤: ١٤٢).
(٣) أي يوقف على إجازة الراهن فإن أجازه صح، ويكون الثمن رهناً وإن لم يجز لا يجوز البيع، وله أن يبطله ويعيده رهنا. ينظر: «الفتاوى الكاملية» (ص ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>