للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي العقارِ لا تثبتُ اليدُ إلاَّ بحجَّةٍ أو علمِ القاضي

أقول: هذه العلَّةُ تشتملُ العقارَ أيضاً، فلا أدري ما وجهُ تخصيصِ المنقول بهذا الحكم (١).

(وفي العقارِ لا تثبتُ اليدُ إلاَّ بحجَّةٍ أو علمِ القاضي)، قالَ في «الهداية»: إنَّهُ لا تثبتُ (٢) اليدُ في العقارِ إلاَّ بالبيِّنة أو علم القاضي، هو الصَّحيحُ؛ نفياً لتهمةِ المواضعة، إذ العقارُ عساهُ في يدِ غيرِهِما، بخلافِ المنقول؛ فإنَّ اليدَ فيه مشاهدة (٣).

فتهمةُ المواضعة: أنَّ المدَّعي والمدَّعى عليه تواضعا على أن يقولَ المدَّعى عليه: إنَّ الدَّارَ في يدي، والحالُ أنَّها في يدِ ثالث، فيقيمُ المدَّعي بيِّنة، ويحكمُ القاضي بأنَّها ملكُ المدَّعي.

وإنَّما قال في «الهداية»: هو الصَّحيح؛ لأنَّ عندَ بعضِ المشايخ - رضي الله عنهم - يكفي تصديقُ المدَّعى عليه أنَّها في يدِه، ولا يحتاجُ إلى إقامةِ البيِّنة.

فإنَّهُ إن كان في يدِه، وأقرَّ بذلك، فالمدَّعي يأخذها منه إن ثبتَ ملكيتُهُ بالبيِّنة أو بإقرار ذي اليد أو نكوله، وإن لم يكنْ في يدِه وأقرَّ بذلك لا يكون للمدَّعي ولايةُ الأخذِ من ذي اليد، وإن أقامَ المدَّعي البيِّنة؛ لأنَّ البيِّنةَ قامتْ على غيرِ خصم، فعُلِمَ أنَّهُ إذا أقرَّ ذو اليدِ باليد؛ فإنَّ الضَّررَ لا يلحقُ إلاَّ بذي اليد، ولا يلحقُ إلى غيرِهِ فتهمةُ المواضعةِ مدفوعةٌ، على أنَّ تهمةَ المواضعةِ إن كانت ثابتةً هاهنا ففي صورةِ إقامةِ البيِّنةِ ثابتةٌ أيضاً، فإنَّ الدَّارَ إذا كانت في يدِ رجلٍ أمانةً فتواضعَ المدَّعي وذو اليدِ على أنَّ ذا اليدِ لا يقولُ أنَّها أمانةٌ في يدِه، حتى يقيمَ المدَّعي بيِّنَةً على أنَّها في يدِ ذي اليد، ثمَّ يقيمُ بيِّنةً على أنَّها ملكُ المدَّعي، فيقضي القاضي ويأخذُ المدَّعي الدَّار.


(١) ردَّ ما قاله الشارح - رضي الله عنه - ملا خسرو - رضي الله عنه - في «الدرر» (٢: ٣٣٠) بكلام طويل، وأجاب عن ردِّه الشرنبلالي - رضي الله عنه - في «حاشيته» (٢: ٣٣٠) عليه، وأثبت ما قال صدر الشريعة، إذ قال في نهاية كلامه: فتصريحهم بأنه يجب في المنقول أن يقول فيده بغير حق لا ينفي الحكم عمَّا عداه وقد وجد في تصويرهم الدعوى في العقار التصريح به. وقال القاري - رضي الله عنه - في «فتح باب العناية» (٣: ١٦٣) عمّا قاله الصدر - رضي الله عنه -: ووجهه بعض الفضلاء بوجوهٍ وردها غيرهم.
(٢) وقع في النسخ: تثبت، والمثبت من «الهداية» (٣: ١٥٦).
(٣) انتهى من «الهداية» (٣: ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>