للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيعُ الحاضرِ للبادي طمعاً في الثَّمنِ الغالي زمانَ القحط، والبيعُ عند أذانِ الجُمُعةِ، وتفريقُ صغيرٍ عن ذي رحمٍ محرمٍ منه بلا حقِّ مستحقٍّ، لا بيعُ مَن يَزِيدُ الثَّمن. والله أعلم.

(وبيعُ الحاضرِ للبادي طمعاً في الثَّمنِ الغالي زمانَ القحط)، صورتُهُ: أن البادي يَجْلِبُ الطَّعامَ إلى البلدِ فيطرحُهُ على رجلٍ يسكنُ البلدَ ليبيعَ من أهلِ البلدِ بثمنٍ غال، فهذا يُكْرَهُ في أيَّامِ العسرة (١).

(والبيعُ عند أذانِ الجُمُعةِ، وتفريقُ صغيرٍ عن ذي رحمٍ محرمٍ منه بلا حقِّ مستحقٍّ): هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - ومحمّدٍ - رضي الله عنه -، وأمَّا عند أبي يوسف - رضي الله عنه - إذا كان القرابةُ قرابة (٢) ولادةً لا يجوزُ بيعُ أحدهما بدون الآخرِ، فإنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - قال لَعَلِيّ - رضي الله عنه -: «أدرك أدرك» (٣). ولو كان البيعُ نافذاً لا يمكنُهُ الاستدراك، ولو كان بحقِّ مستحقٍّ كدفع أحدهما عن الآخر بالجنايةِ، والرَّدِّ بالعيبِ لا يُكْرَه (٤).

(لا بيعُ مَن يَزِيدُ الثَّمن (٥). (والله أعلم) (٦)).


(١) وقال بعضُهم: صورتُهُ أنَّ الرَّجلَ إذا كان له طعامٌ وأهلُ المصرِ في قحطٍ وهو لا يبيعُهُ من أهلِ المصرِ حتى يتوسّعوا، ولكن يبيعُهُ من أهلِ الباديةِ بثمنٍ غالٍ، وأهلُ المصرِ يتضرَّرون فلا يجوز، وإذا كانوا لا يتضرَّرون بذلك فلا بأسَ ببيعه منهم، وإلى هذه الصُّورةِ ذهبَ صاحبُ «الهداية» (٣: ٥٣).
(٢) زيادة من ص و م.
(٣) عن عليّ - رضي الله عنهم - قال: «وهبَ لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلامين أخوين فبعت أحدهما، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما فعلَ غلامك، فأخبرته، فقال «رده رده»، واللفظ للترمذي (٣: ٥٨٠)، وقال حسن غريب، وفي «سنن سعيد بن منصور» (٢: ٢٨٩) بلفظ: «أدرك أدرك»، وفي «سنن ابنُ ماجه» (٢: ٧٥٥) بلفظ: «رده»، وفي الباب حديث أخر تؤيِّده.
(٤) لأنَّ التفريقَ إنّما نهى عنه لدفعِ الضَّررِ عن الصغير، وليس من شرطِ دفعِ الضَّررِ عن شخصٍ إلحاقُ الضَّررِ بغيره، فإذا تعلَّقَ بأحدهما حقٌّ فالمنعُ من إيفاءِ الحقِّ إضرارٌ بصاحبِ الحق، وإنّما حصلَ الإضرارُ بالصَّغيرِ ضمناً لحقٍّ مستحقٍّ فلا يلتفت إليه؛ لأنّه كم من شيءٍ يثبتُ ضمناً ولا يثبتُ قصداً. ينظر: «البناية» (٦: ٤٧٤).
(٥) ويسمى بيع الدلالة. ينظر: «الدر المنتقى» (٢: ٧٠).
(٦) ساقطة من أ و ق و ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>