للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو خلطَ بمالِه حتى لا يتميَّز، أو تعدَّى المودَعُ فلَبِسَ ثوبَها، أو رَكِبَ دابَّتَها، أو أنفقَ بعضَها ثُمَّ خَلَطَ مثلَهُ بما بقي، أو حفظَ في دارٍ أمر المودَعَ به في غيرِها ضَمِن، وإن اختلطَتْ بلا فعلِهِ اشتركَها، ولو أزالَ التَّعدِّي زالَ ضمانُه

(أو خلطَ بمالِه حتى لا يتميَّز) (١)، فإنِّه إن خَلَطَ بخلافِ الجنسِ ينقطعُ حقُّ المالكِ ويجبُ الضَّمانُ اتِّفاقاً، وكذا إن خلطَهُ بجنسِهِ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وكذا عند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - إلاَّ إذا خَلَطَهُ بما هو أكثرُ منه، (يجعل الأقلُّ تابعاً للأكثر) (٢) لا بما هو أقلُّ منه، فإنَّه لا ينقطعُ حقُّ المالك، بل يُثْبِتُ الشركة، وعند محمَّد - رضي الله عنه - لا ينقطعُ حقُّ المالك، بل يثبتُ الشَّركة سواءٌ كان أقلّ أو أكثر.

(أو تعدَّى المودَعُ فلَبِسَ ثوبَها، أو رَكِبَ دابَّتَها، أو أنفقَ بعضَها ثُمَّ خَلَطَ مثلَهُ بما بقي (٣)، أو حفظَ في دارٍ أمر المودَعَ (٤) به في غيرِها ضَمِن): أي حفظَ في دارٍ أمرَ المودَعُ بالحفظِ في غيرِها، فقولُهُ ضَمِنَ جزاءُ الشَّرط، وهو قولُهُ: فإن حبسَها … الخ.

(وإن اختلطَتْ بلا فعلِهِ اشتركَها، ولو أزالَ التَّعدِّي زالَ ضمانُه)، كما إذا وضعَها في دارٍ أخرى، ثُمَّ ردَّها إلى دارٍ أَمَرَ المالكُ بالحفظِ فيها زالَ الضَّمان: أي إن كانت الوديعةُ بحيث لو هَلَكَتْ لكانت مضمونة، فزالَ هذا المعنى، وإنِّما قلنا هذا؛ لأنَّ زوالَ الضَّمانِ حقيقةً غيرُ ممكن؛ لأنَّ حقيقةَ زوالِ الضَّمان بعد الهلاك، وبعدَ الهلاكِ لا يمكنُ إزالةُ التَّعدِّي، وعند الشَّافِعِيِّ (٥) - رضي الله عنه -: إن زالَ التَّعدَّي لا يزولُ الضَّمان.


(١) يعني إنَّ المودَعَ إن خلطَ الوديعةَ بغير جنسها كما إذا خلطَ البرَّ بالشعير، والشعيرَ بالبرّ، والزيت بالشّيرج، والشيرج بالزيت ينقطعُ حقُّ المالك، ويجبُ الضمانَ على المودَع؛ لأنَّ هذا استهلاكٌ حقيقة، فيوجب الضمان بالإجماع، وإن خلطَها بجنسِها؛ كما إذا خلطَ البرّ بالبرّ في غير المائع، واللَّبن باللَّبن في المائعِ ضَمِنَ المودَع؛ لأنّه صار مستهلكاً لها، وإذا ضمنَها ملكَها وانقطعَ حقُّ المالكِ من تلك الوديعة في المائع وغيره. وتمامه في «الكفاية» (٧: ٤٥٥)، و «كمال الدراية» (ق ٤٧٣).
(٢) زيادة من ب و م.
(٣) أي إن المودع إذا أنفق بعضها ضمن ما أنفق منها ولم يضمن كلها، فإن جاء بمثل ما أنفق فخلط بالباقي صار ضمناً بجميعها؛ لأنه صار مستهلكاً للكل بالخلط. ينظر: «الدرر» (ق ٢: ٢٤٦).
(٤) زيادة من ق.
(٥) ينظر: «النكت في المسائل المختلف فيها» للشيرازي (ص ٥٨٥)،

<<  <  ج: ص:  >  >>