للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يدفعُ إلى أحدِ المودعين قسطَهُ بغيبةِ الآخر، ولأحدِ المودعين دفعُها إلى الآخرِ فيما لا يُقْسَم، ودفعُ نصفِها فقط فيما يُقْسَم، وضَمِنَ دافعُ الكلِّ لا قابضه، فلو نُهِيَ عن الدَّفعِ إلى عيالِه، فدفعَ إلى مَن له منه بُدٌّ ضَمِن، وإلى مَن لا بُدَّ له منه كدفع الدَّابة إلى عبدِه، وشيء تحفظُهُ النِّساءِ إلى عرسِه، لا كما لو أُمِرَ بحفظِها في بيتٍ معيَّنٍ من دار، فحفظَ في آخر منها، فإن كانَ له خللٌ ظاهرٌ ضَمِن، ولو أودعَ المودَعُ فهلكَت ضَمِنَ الأوَّل فقط

(ولا يدفعُ إلى أحدِ المودعين قسطَهُ بغيبةِ الآخر)، أمّا إذا كانت الوديعةُ غيرَ المكيلِ والموزون فبالإتفاق، وإن كانت من المكيلِ والموزونِ فكذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - خلافاً لهما؛ لأنَّه ليس للمودعِ ولايةُ القسمة.

(ولأحدِ المودعين دفعُها إلى الآخرِ فيما لا يُقْسَم، ودفعُ نصفِها فقط فيما يُقْسَم): أي إذا كانت الوديعةُ عند رجلين، وهي ممَّا لا يُقْسَم، يحفظُها أحدُهما بإذن الآخر، فإن كانت ممَّا يُقْسَم لا يجوزُ لأحدِهما أن يدفعَها إلى الآخر للحفظ، بل يَقْسِمان فيحفظُ كلُّ واحدٍ نصفَه، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما يجوزُ الدَّفعُ إلى الآخر فيما يُقْسَم، (وضَمِنَ دافعُ الكلِّ لا قابضه): أي إذا دَفَعَ الكلَّ إلى الآخر فيما يُقْسَم يضمنُ الدَّافعُ النِّصف، ولا يضمنُ القابض؛ لأنَّ مودَعَ المودعِ لا يضمنُ عنده.

(فلو نُهِيَ عن الدَّفعِ إلى عيالِه، فدفعَ إلى مَن له منه بُدٌّ ضَمِن (١)، وإلى مَن لا بُدَّ له منه كدفع الدَّابة إلى عبدِه، وشيء تحفظُهُ النِّساءِ إلى عرسِه، لا كما لو أُمِرَ بحفظِها في بيتٍ معيَّنٍ من دار، فحفظَ في آخر منها): لأنَّ بيوتَ دارٍ واحدةٍ لا تتفاوت، ولا فائدةَ في التَّعيين بخلافِ الدَّار؛ لأنَّ الدَّارين يتفاوتان، (فإن كانَ له خللٌ ظاهرٌ ضَمِن): أي إذا كانت للبيتِ الذي حفظَها فيه خللٌّ ظاهر، وقد عيَّن بيتاً آخر من هذه الدَّار ضَمِن.

(ولو أودعَ المودَعُ فهلكَت ضَمِنَ الأوَّل فقط)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقالا: يُضَمِّنُ أيُّهما شاء، فإن ضَمِنَ (الأوَّل لم يَرْجِعْ على الثَّاني، وإن ضَمِن الثَّاني) (٢) رجعَ على الأَوَّل.


(١) كأن قال: لا تدفعها إلى امرأتك أو أحد من عيالك، فإن هذا الشرط مفيدٌ، إذ قد يأمن الإنسان الرجل على ماله ولا يأتمن عليه عياله، إلا أنه إنما يلزم مراعاته بحسب الإمكان، فإذا لم يكن الحفظ بدونه صار النهي عن الدفع إليه كالنهي عن حفظه، فكان مناقضاً لأصله فيبطل، فلا يضمن إذا هلكت. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٤٦٠).
(٢) زيادة من ف، وفي أ و ب و ص و م: الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>