للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه الإثمُ والكفَّارة، ودِيَةٌ مغلَّظةٌ على العاقلة بلا قَوَد. وهو فيما دونَ النَّفس عمد، وفي الخطأ، ولو على عبد قصداً: كرميهِ مسلماً ظنَّهُ صيداً أو حربيَّاً، أو فعلاً: كرميهِ غرضاً فأصابَ آدميَّاً، وما جرى مجراهُ: كنائمٍ سقطَ على آخرَ فقتلَه كفارةٌ ودِيَةٌ على عاقلتِه. وفي القتلِ بسببٍ كتلفِه بوضعِ حجر، وحفرِ بئرٍ في غيرِ ملكِه دِيَةٌ على العاقلةِ بلا كفارةٍ ولا إرث إلا هنا

أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، خلافاً لغيرِه، (وفيه الإثمُ والكفَّارة، ودِيَةٌ مغلَّظةٌ على العاقلة)، سيأتي تفسيرُ الدِّيَةِ المغلَّظة (١)، وتفسيرُ العاقلةِ (٢) إن شاءَ اللهُ تعالى، (بلا قَوَد.

وهو فيما دونَ النَّفس عمد): أي ضربُهُ قصداً بغيرِ ما ذكرَ فيما دونَ النَّفسِ عمدٌ موجبٌ للقصاص، فليسَ فيما دونَ النَّفسِ شبه عمد.

(وفي الخطأ، ولو على عبد)، إنَّما قال هذا لدفعِ توهُّمِ أنِّ العبدَ مال، وضمانُ الأموالِ لا يكونُ على العاقلة، فمع ذلك إذا كانَ قتلُهُ خطأً تكونُ الدِّيَةُ على العاقلة، (قصداً: كرميهِ مسلماً ظنَّهُ صيداً أو حربيَّاً، أو فعلاً: كرميهِ غرضاً فأصابَ آدميَّاً)، الخطأُ ضربان: خطأُ في القصد، وخطأُ في الفعل.

فالخطأُ في الفعل: أن يقصدَ فعلاً فصدرَ منه فعلٌ آخر، كما إذا رمىَ الغرضَ فأخطأَ فأصابَ غيرَه.

والخطأُ في القصد: أن لا يكونَ الخطأُ في الفعل، وإنَّما يكونُ الخطأُ في قصدِه، بأنَّه قصدَ بهذا الفعلَ حربيَّاً، لكن أخطأَ في ذلك القصدِ حيثُ لم يكنْ ما قصدَهُ حربيَّاً، وليس في الخطأ إثمُ القتل، بل إثمُ تركِ الاحتياط، فإنَّ شَرْعَ الكفَّارةِ دليلُ الإثم.

(وما جرى مجراهُ: كنائمٍ سقطَ على آخرَ فقتلَه): أي كقتلِ نائمٍ سقطَ على آخرَ فتلفَ ذلكَ الشَّخصُ بسببِ سقوطِهِ عليه، (كفارةٌ ودِيَةٌ على عاقلتِه.

وفي القتلِ بسببٍ كتلفِه): أي كإتلافه (بوضعِ حجر، وحفرِ بئرٍ في غيرِ ملكِه دِيَةٌ على العاقلةِ بلا كفارةٍ ولا إرث إلا هنا)، هذا عندنا، وعندَ الشَّافعيِّ (٣) - رضي الله عنه -: تجبُ الكفَّارة، ويثبتُ به حرمانُ الميراثِ إلحاقاً بالخطأ، قلنا: القتلُ معدومٌ حقيقة، وألحقَ بالخطأ في حقِّ الضَّمان، ففي غيرِهِ بقيَ على أصله.


(١) ٤: ١٦٠).
(٢) ٤: ١٨٦).
(٣) ينظر: «أسنى المطالب» (٣: ١٧)، و «تحفة المحتاج» (٦: ٤١٧)، وغيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>