للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَن بنى في أرضِ غيرِه، أو غَرَسَ أُمرَ بالقلعِ والرَّدّ، وللمالكِ أن يَضْمَنَ له قيمةَ بناءٍ أو شجرٍ أمرَ بقلعِهِ إن نقصتْ به، فتقوَّمُ بلا شجرٍ وبناء، وتقوَّمُ مع أحدِهما مستحقُّ القَلْعِ فيضمنُ الفضل، فإن حمَّرَ الثَّوب، أو صفَّر أو لَتَّ السَّويقَ بسمنٍ ضمَّنَه أبيض ومثل سويقِه، أو أخذَهُما وغرمَ ما زادَ الصَّبغ والسَّمن، فإن سوَّدَ ضمَّنَه أبيض، أو أخذَهُ ولا شيءَ للغاصب؛ لأنَّه نقصٌ

ومَن بنى في أرضِ غيرِه، أو غَرَسَ أُمرَ بالقلعِ والرَّدّ)، هذا في ظاهرِ الرِّواية، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه -: إن كان قيمةُ البناءِ أو الغرسِ أكثرَ من قيمةِ الأرضِ فالغاصبُ يملكُ الأرضَ بقيمتِها، (وللمالكِ أن يَضْمَنَ له قيمةَ بناءٍ أو شجرٍ أمرَ بقلعِهِ إن نقصتْ به): أي إن نقصَتِ الأرضُ بالقلع، ثمّ بيَّنَ طريقَ معرفةِ قيمةِ ذلك فقال: (فتقوَّمُ بلا شجرٍ وبناء، وتقوَّمُ مع أحدِهما مستحقُّ القَلْعِ فيضمنُ الفضل)، قيل: قيمةُ الشَّجرِ المستحقّ للقلعِ أقلُّ من قيمتِه مقلوعاً، فقيمةُ المقلوعِ إذا نقصتْ منها أجرةُ القلع، فالباقي قيمةُ الشَّجر المستحقِّ القلع، فإذا كانت قيمةُ الأرضِ مئةً، وقيمةُ الشَّجر المقلوع عشرةً، وأجرةُ القلعِ درهماً، بقي تسعةُ دراهم، فالأرضُ مع هذا الشَّجرِ تقوَّمُ بمئة وتسعة دراهم، فيضمن المالك التَّسعة.

(فإن حمَّرَ الثَّوب، أو صفَّر أو لَتَّ السَّويقَ بسمنٍ ضمَّنَه أبيض ومثل سويقِه، أو أخذَهُما وغرمَ ما زادَ الصَّبغ والسَّمن، فإن سوَّدَ ضمَّنَه أبيض، أو أخذَهُ ولا شيءَ للغاصب؛ لأنَّه نقصٌ)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: التَّسويدُ كالتَّحمير، قيل: هذا الاختلافُ بحسبِ اختلاف العصر، فلينظرْ إن نقصَهُ السَّوادُ كان نقصاناً، وإن زادَه يعدُّ زيادة، وعند الشَّافِعِيّ (١) - رضي الله عنه - المالكُ يمسكُ الثَّوب، ويأمرُ الغاصبَ بقلعِ الصَّبغِ ما أمكن، ولا فرقَ بين السَّواد وغيره، بخلافِ مسألةِ السَّويق، فإن التَّمييزَ غيرُ ممكنٍ، له القياسُ على قلعِ البناء.

قلنا: في قلعِ البناءِ لا يتلفُ مالُ الغاصب؛ لأنَّ النِّقض (٢) يكون له، وهنا يتلف، فرعايةُ الجانبين فيما قلنا، والسَّويقُ مثلي فإن طرحَهُ على الغاصبِ يأخذُ المثلَ بخلافِ الثَّوب، فيأخذُ فيه القيمة.


(١) ينظر: «النكت» (ص ٦٠٤)، وغيرها.
(٢) النِّقض: وهو بالكسر المنقوض، يعني أنّ الحاصل من البناء المنقوضِ كالخشب والآجر للغاصب، أمّا الصبغُ فيتلاشى، ولم يحصل للغاصبِ منه شيء، فلم يؤمر الغاصبَ بقلعِ صبغه، كيلا يفوتُ حقّه بالكليّة. ينظر: «حاشية الجلبي» (ص ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>