للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبه يُفْتَى، فإن أقرَّ أحدُ المتقاسمينِ بالاستيفاء، ثُمَّ ادَّعى أنَّ بعضَ حصَّتِه وَقَعَ في يدِ صاحبِه غلطاً لا يُصَدَّقُ إلا بحجَّة، وشهادةُ القاسمينِ حجَّةٌ فيها

وبه يُفْتَى (١)): أي قسم بالقيمةِ عنده، وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - يقسمُ بالذُراع كلُّ ذراعٍ من السُّفلِ في مقابلةِ ذراعينِ من العلو، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - يقسمُ بالذّراعِ أيضاً، لكن العلوَ والسُّفلَ متساويان.

(فإن أقرَّ أحدُ المتقاسمينِ بالاستيفاء، ثُمَّ ادَّعى أنَّ بعضَ حصَّتِه وَقَعَ في يدِ صاحبِه غلطاً لا يُصَدَّقُ إلا بحجَّة)، قالوا: لأنَّهُ يدَّعي فسخَ القسمة فلا يُصَدَّقُ إلا بالبيِّنَة، قال في «الهداية»: ينبغي أن لا يقبلَ دعواهُ للتَّناقض (٢). وفي «المبسوط» (٣)، وفي «فتاوى قاضي خان» (٤) ما يؤيدُ هذا (٥)، وجهُ روايةِ «المتن»؛ أنّه اعتمدَ على فعلِ القاسمِ في إقرارِه باستيفاء حقِّه، ثُمَّ لَمَّا تأمَّلَ حقَّ التَّأملِ ظهرَ الغلطُ في فعلِه، فلا يؤخذُ بذلك الإقرارِ عند ظهورِ الحقّ (٦).

(وشهادةُ القاسمينِ حجَّةٌ فيها) (٧): أي في القسمة، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وعند محمَّد - رضي الله عنه -، والشَّافِعِيِّ (٨) - رضي الله عنه - ليست بحجَّة، لأنَّها شهادةٌ على فعلِ


(١) لأن السفل يصلح لما لا يصلح له العلو كالبئر والسرداب والاصطبل وغير ذلك فصارا كالجنسين فلا يمكن التعديل إلا بالقيمة. ينظر: «الدرر» (٢: ٤٢٥)، و «الدر المختار» (٥: ١٦٧)، و «الشرنبلالية» (٢: ٤٢٥)، وغيرها.
(٢) انتهى من «الهداية» (٤: ٥٠).
(٣) المبسوط» (١٥: ٦٧).
(٤) فتاوى قاضي خان» (٣: ١٥٣).
(٥) أي قول صاحب «الهداية».
(٦) وفَّق في «الحامدية» بينهما توفيقاً حسناً بحمل ما في «المتن» على ما إذا باشر القسمة غيره، وما في «الخانية» و «المبسوط» على ما إذا باشر القسمة بنفسه. قال ابن عابدين في «رد المحتار» (٥: ١٦٨): وظاهر كلام صدر الشريعة أنهما روايتان فلا حاجة إلى التوفيق، بل الأهم الترجيح، فنقول: عامة المتون على ما مشى عليه المصنف، وهي الموضوعة لنقل المذهب، ولما عليه الفتوى. وعبارة «متن المواهب»: تقبل بينته، وقيل: لا. وفي «الاختيار»: وقيل: لا تقبل دعواه للتناقض، فأفادا عدم اعتماد الثانية.
(٧) يعني إذا أنكرَ بعضُ الشركاء بعد القسمة استيفاء نصيبه، فشهد القاسمان أنّه استوفى نصيبَه، فتقبل شهادتهما سواءً كان من جهة القاضي أو غيره. ينظر: «تكملة البحر» (٨: ١٧٦).
(٨) النكت» (ص ٦١٠)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>