للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأكلُ والشَّربُ والإدّهانُ والتَّطيُّبُ من إناء ذهبٍ وفضّة، وحَلَّ من إناءِ رصاص، وزجاج، وبِلَّور، وعَقيق، ومن إناءٍ مفضّض، وجلوسُهُ على مفضّضٍ مُتَّقياً موضعَ الفضة

«ما وضع شفاؤكم فيما حرم عليكم» (١)، وأبو يوسف - رضي الله عنه - يقولُ: لا يبقى حينئذٍ حراماً للضَّرورة، وأبو حنيفةَ - رضي الله عنه - يقول: الأصلُ في البولِ الحرمة، وهو - صلى الله عليه وسلم - قد عَلِمَ شفاءَ العرنيين وحياً، وأمَّا في غيرِهم، فالشَّفاء فيه غيرُ معلومٍ فلا يحلّ.

(والأكلُ والشَّربُ والإدّهانُ والتَّطيُّبُ من إناء ذهبٍ وفضّة): أي للرِّجال والنِّساء، قال - صلى الله عليه وسلم -: «إنِّما يُجَرْجِرُ (٢) في بطنِهِ نارَ جهنَّم» (٣).

(وحَلَّ من إناءِ رصاص، وزجاج، وبِلَّور (٤)، وعَقيق (٥)، ومن إناءٍ مفضّض (٦))، وعند الشَّافِعِيِّ - رضي الله عنه - يُكْرَه، (وجلوسُهُ على مفضّضٍ مُتَّقياً موضعَ الفضة)، فقوله: وجلوسُهُ عَطْفٌ على الضَّميرِ في حَلّ، وهذا يجوزُ لوجودِ الفصل، فعند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - الأكلُ والشُّربُ من الإناءِ المفضض، والجلوسُ على الكرسي، أو السَّرير، أو السَّرج، أو نحوه مفضضاً إنِّما يحلُّ إذا كان مُتَّقياً موضعَ الفضّة: أي لا يكون الفضةُ في موضعِ الفَم، وفي موضعِ اليدِ عند الأخذ، وفي موضعِ الجلوسِ على الكرسي، وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - يُكْرَهُ مُطلقاً، ومحمَّد - رضي الله عنه - قد قيل: إنَّه مع أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وقد قيل: إنَّه مع أبي يوسف - رضي الله عنه -.


(١) رواه موقوفاً على ابن مسعود - رضي الله عنه - البخاري في معلقات «صحيحه» (٥: ٢١٢٩)، والحاكم (٤: ٤٢٤)، ورفعه البيهقي عن أم سلمة في «السنن الكبير» (١٠: ٥)، والطبراني في «المعجم الكبير» (٢٣: ٣٢٦)، وصححه ابن حبان. ينظر: «الخلاصة» (٢: ٣٢٠).
(٢) الجَرْجَرةُ الصوت: أي يرددها في جوفه مع صوت، وقيل: الجرجرة الصب. ينظر: «طلبة الطلبة» (ص ٢٠).
(٣) من حديث أم سلمة في «صحيح البُخاري» (٥: ٢١٣٣)، و «صحيح مسلم» (٣: ١٦٣٤)، وغيرهما.
(٤) بلور: حجرٌ معروف، وأحسنه ما يجلبُ من جزائر الزنج، وفيه لغتان كسر الباء مع فتح اللام مثل: سِنَّور، وفتح الباء مع ضم اللام وهي مشددة فيهما مثل: تَنُّور. ينظر: «المصباح» (ص ٦٠).
(٥) العقيق: حجر يعمل منه الفصوص. ينظر: «المصباح» (ص ٤٢٢).
(٦) أي مزوق ومرصع بالفضة. ينظر: «الدر المختار» (٦: ٣٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>