للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم تكف حيضةٌ ملكها فيها، ولا التي قبلَ القبض، ولا ولادةٌ كذلك، وتجبُ في شراءِ أمةٍ إلا شقصاً هو له، لا عند عودِ الآبقة، وردِّ المغصوبة، والمستأجرة، وفكِّ المرهونة، ورُخِّصَ حيلةُ إسقاطِ الاستبراءِ عند أبي يوسف - رضي الله عنه - خلافاً لمحمَّدٍ - رضي الله عنه -، وأخذَ بالأوَّلِ إن علمَ عدم وطء بائعها في ذلك الطُّهر، وبالثَّاني إن قربها: وهي إن لم تكنْ تحتَهُ حرَّةٌ أن ينكحَها، ثمَّ يشتريَها

من أن يكونَ فيها بكراً، ومسبيَّة من امرأةٍ ونحوِ ذلك، ومع هذا حكمَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حكماً عامَّاً فلا يختصُّ بالحكمة، كما أنَّه تعالى بيَّنَ الحكمةَ في حرمةِ الخمرِ بقولِه: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ} (١) الآية، فلا يمكنُ أن يقولَ أحدٌ إنَّي أشربُها بحيثُ لا يقعُ العداوة، ولا يصدَّني عن الصَّلاة، فإذا كانت المصلحةُ غالبةً في تحريمِه، فالشَّرعُ يحرِّمُ على العموم؛ لِمَا أنَّ في التَّخصيصِ ما لا يخفى من الخبط، وتجاسرُ النَّاسِ بحيثُ ترتفعُ الحكمة، فإذا ثبتَ الحكمُ في السَّبي على العمومِ ثبتَ في سائرِ أسبابِ الملك كذلك قياساً، فإنَّ العلَّة معلومة، ثمَّ تأيَّدَ ذلكَ بالإجماع.

(ولم تكف حيضةٌ ملكها فيها، ولا التي قبلَ القبض): (أي ولا الحيضة التي وجدت بعد سبب من أسباب الملك قبل القبض) (٢)، (ولا ولادةٌ كذلك، وتجبُ في شراءِ أمةٍ إلا شقصاً هو له) (٣)؛ لأنَّ الملكَ تمَّ له، والحكمُ يضافُ إلى العلَّةِ القريبة، (لا عند عودِ الآبقة، وردِّ المغصوبة، والمستأجرة، وفكِّ المرهونة)؛ لأنَّه لم يوجدْ استحداثُ الملك.

(ورُخِّصَ حيلةُ إسقاطِ الاستبراءِ عند أبي يوسف - رضي الله عنه - خلافاً لمحمَّدٍ - رضي الله عنه -، وأخذَ بالأوَّلِ إن علمَ عدم وطء بائعها في ذلك الطُّهر، وبالثَّاني إن قربها: وهي إن لم تكنْ تحتَهُ حرَّةٌ أن ينكحَها، ثمَّ يشتريَها)، إذ بالنِّكاحِ لا يجبُ الاستبراء، ثمَّ إذا اشترى زوجته لا يجبُ أيضاً.


(١) من سورة المائدة، الآية (٩١) وتمامها: {بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}.
(٢) زيادة من ب.
(٣) أي الشقص للمشتري، يعني يجب الاستبراء في الجارية للمشتري فيها شقص فاشترى الباقي؛ لأن حدوث ملك آخر يثبت ملك الرقبة، يعني يكون بعد ملك جميع رقبتها، وملك بعض الرقبة بمنْزلة بعض العلّة وثبوت الحكم يكون عند كمال العلّة. ينظر: «شرح ابن ملك» (ق ٢٨٨/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>