للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَن حفرَ بئراً في مواتٍ بالإذن فله حريمُها للعَطَن والناضحِ أربعونَ ذراعاً من كلِّ جانبٍ في الأصحّ، وللعين خمسمئةٌ كذلك، ومُنِعَ غيرُه من الحفرِ فيه لا فيما وراه، وله الحريمُ من ثلاثةِ جوانب، وللقناة حريمٌ بقدرِ ما يصلحُها، ولا حريمَ لنهرٍ في أرضِ غيره إلا بحجَّة، فَمُسَنَّاةٌ بين نهرِ رجلٍ وأرضِ الآخر، وليست مع أحدٍ لصاحبِ الأرض

يكونُ بوضعِ الأحجار، وقيل: اشتقاقُهُ من الحجْر بالسكون، فإن كربَها وسقاها فهو إحياءٌ عند محمَّد - رضي الله عنه -، وإن فعلَ أحدُهما فهو تحجير.

(ومَن حفرَ بئراً في مواتٍ بالإذن فله حريمُها للعَطَن والناضحِ أربعونَ ذراعاً من كلِّ جانبٍ في الأصحّ)، بئرُ العطنِ البئرُ التي يناخُ الأبلُ حولَها ويسقى، وبئرُ الناضح البئرُ التي يُسْتَخْرَجُ ماؤها بسيرِ البعيرِ ونحوه، وعندهما: حريمُها ستِّونَ ذراعًا، وإنَّما قال في الأصحّ؛ لأنَّه قيل: الحريمُ أربعونَ ذراعاً من كلِّ الجوانب، وذراعُ العامَّةِ ستَّةُ قبضات، وعند الحسَّابِ كذلك، فإنّهم قدَّروه بأربعٍ وعشرينَ إصبعاً، كلُّ أصبعٍ ستُّ شعيراتٍ مضمومةٍ بطونُ بعضها ببطونِ البعض (١).

(وللعين خمسمئةٌ كذلك): أيّ من كلِّ جانب.

(ومُنِعَ غيرُه من الحفرِ فيه لا فيما وراه، وله الحريمُ من ثلاثةِ جوانب): أي للذي حفرَ من منتهى حريمِ الأوَّلِ دون الأوَّل.

(وللقناة حريمٌ بقدرِ ما يصلحُها) (٢) هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وقيل: إذا لم يخرجِ الماءُ فهو كالنهر، فلا حريمَ له، وعند ظهورِ الماءِ كالعين، فله الحريمُ خمسمئةَ ذراع.

(ولا حريمَ لنهرٍ (٣) في أرضِ غيره إلا بحجَّة)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: له مُسنَّاةُ النهرِ يمشي عليها ويلقي عليها الطين، وكذا في أرضِ موات، (فَمُسَنَّاةٌ بين نهرِ رجلٍ وأرضِ الآخر، وليست مع أحدٍ لصاحبِ الأرض): أي إن


(١) وتقديرها كالآتي: الشعيرة: ٠.٣٣٣ سم، والأصبع: ٦ شعيرات × ٠.٣٣٣ سم = ٢ سم، فالذراع: ٢٤ أصبع × ٢ سم: ٤٨ سم. كما مرّ سابقاً، ينظر: «المقادير الشرعية» (ص ٢٠٨).
(٢) أي القناة مجرى الماء تحت الأرض ولم يقدر حريمه بشيء يمكن ضبطه، وعن محمد: أنه بمنْزلة البئر في استحقاق الحريم، وقيل: هذا عندهما، وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه -: لا حريم له ما لم يظهر على وجه الأرض. ينظر: «درر الحكام» (١: ٣٠٧).
(٣) النهر: مجرى كبير لا يحتاج إلى الكري في كلّ حين، فصورة المسألة: أن من كان له نهر في أرض غيره فليس له حريم عند الإمام إلا أن يقيم بينة على ثبوت الحريم له. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٥٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>