للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو أقامَ حجَّةً بقتلِ أبيه غائباً أخوه فحضرَ يعيدها، وفي الخطأ والدَّينِ لا، فلو بَرْهَنَ القاتلُ على عفوِ الغائب، فالحاضرُ خصمٌ، وسقطَ القَوَد، وكذا لو قُتِلَ عبدٌ بينَ رجلَيْن أحدهما غائب، فإن شَهِدَ وليَّا قَوَدٍ بعفوِ أخيهما بطلت، وهي عفوٌ منهما، فإن صدَّقَهُما القاتلُ وحده، فلكلِّ منهم ثلثُ الدِّية، وإنَّ كذَّبهما فلا شيءَ لهما، وللآخرِ ثلثُ الدِّيَة، وإن صدَّقهما الأخُ فقطُ فلهُ الثُّلث

ففرَّعَ على هذا قوله: (فلو أقامَ حجَّةً بقتلِ أبيه غائباً أخوه فحضرَ يعيدها): أي فلو أقامَ أحدُ الورثةِ بيِّنةً وأخوهُ غائبٌ أنَّ فلاناً قتلَ أباهُ عمداً يريدُ القصاص، ثمَّ حضرَ أخوهُ يحتاجُ إلى إعادةِ إِقامةِ البيِّنةِ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - خلافاً لهما.

(وفي الخطأ والدَّينِ لا): أي إذا كان القتلُ خطأ لا يحتاجُ إلى إعادةِ البيِّنة؛ لأنَّ موجبُهُ المال، وطريقُ ثبوتِهِ الميراث، وفي الدَّينِ إذا أقامَ أحدُ الورثةِ البيِّنةَ أنَّ لأبيهِ على فلانٍ كذا، فحضرَ أخوهُ لا يحتاجُ إلى إقامةِ البيِّنة.

(فلو بَرْهَنَ القاتلُ على عفوِ الغائب، فالحاضرُ خصمٌ، وسقطَ القَوَد): أي إذا كانَ بعضُ الورثةِ غائباً، والبعضُ حاضراً، فأقامَ القاتلُ البيِّنةَ على الحاضرِ أنَّ الغائبَ قد عفى، فالحاضرُ خصمٌ؛ لأنَّهُ يدَّعي على الحاضرِ سقوطَ حقِّهِ في القصاص، وانتقالِهِ إلى مال، فيكونُ خصماً.

(وكذا لو قُتِلَ عبدٌ بينَ رجلَيْن أحدهما غائب): أي عبدٌ مشتركٌ بينَ رجلَيْن، أحدُهما غائب، قتلَ عمداً، فادَّعى القاتلُ على الحاضرِ أنَّ الغائبَ قد عفى، فالحاضرُ خصمٌ وسقطَ عنه القَوَدُ لما ذكرنا (١).

(فإن شَهِدَ وليَّا قَوَدٍ بعفوِ أخيهما بطلت، وهي): أي الشَّهادة، (عفوٌ منهما، فإن صدَّقَهُما القاتلُ وحده، فلكلِّ منهم ثلثُ الدِّية، وإنَّ كذَّبهما فلا شيءَ لهما، وللآخرِ ثلثُ الدِّيَة، وإن صدَّقهما الأخُ فقطُ فلهُ الثُّلث)، هكذا ذكرَ في «الهداية» (٢) وفيه نوعُ نظر؛ لأنَّهُ إن أريدَ بالشَّهادةِ حقيقتُهما، فهي لا تكونُ بدونِ الدَّعوى، والمدِّعي هو القاتل، فكيفَ يكونُ تكذيبِ القاتلِ من أقسامِ هذهِ المسألة، وإن أريدَ بالشَّهادةِ مجرَّدُ الإخبارِ لا يصحُّ الحكمُ بالبطلانِ مطلقاً، إذ هو مخصوصٌ بما إذا كذَّبهما، ومن الأقسامِ ما إذا صدَّقهما الأخ، وحينئذٍ لا يبطلُ الإخبار.


(١) أي في المسألة التي سبقتها.
(٢) الهداية» (٤: ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>