للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وديَّتان إن ماتتْ فألقتْ حيَّاً فمات، وما يجبُ في الجنينِ لورثتِهِ سوى ضاربِه، وفي جنينِ الأمَةِ نصفُ عشرِ قيمتِهِ في الذَّكَر، وعشرِ قيمتِهِ في الأنثى، فإن ضُرِبَتْ فأعتقَ سيِّدُها حملَها فألقتْهُ فماتَ يجبُ قيمتُهُ حيَّاً لا ديته، ولا كفّارةَ في الجنين

(وديَّتان (١) إن ماتتْ فألقتْ حيَّاً فمات، وما يجبُ في الجنينِ لورثتِهِ سوى ضاربِه): أي إن كان الضَّاربُ وارثاً للجنينِ لا يكونُ له شيءٌ ممَّا وجب، إذ لا ميراثَ للقاتل.

(وفي جنينِ الأمَةِ نصفُ عشرِ قيمتِهِ في الذَّكَر، وعشرِ قيمتِهِ في الأنثى)، اعلمْ أنَّ الجنينَ إذا كانَ حُرَّاً يجبُ فيه خمسمئةِ درهمٍ سواءٌ كان ذكراً أو أُنثى، إذ لا تفاوتَ في الجنينِ بينَ الذَّكرِ والأُنثى، وهي نصفُ عشرٍ من ديَةِ الذَّكر، وعشرٌ من ديَةِ الأُنثى، فإذا كان رقيقاً يجبُ أن تكونَ نصفَ عشرِ قيمتِهِ على تقديرِ ذكورتِه، وعشرَ قيمتِهِ على تقديرِ أنوثتِه؛ لأنَّ دِيَةَ الرَّقيقِ قيمتُهُ فيما يقدَّرُ من دِيَةِ الحرِّ يقدَّرُ من قيمةِ الرَّقيق.

فإن قلت: يلزمُ أن يكونَ الواجبُ في الأُنثى أكثرَ من الواجبِ في الذَّكر.

قلت: لا يلزم؛ لأنَّ في العادةِ قيمةَ الغلامِ زائدةٌ على قيمتِهِ الجاريةِ بكثير، حتى إن قوِّمَت جاريةً بألفِ درهمٍ يقوَّمُ الغلامُ الذي مثلُها في الحسنِ بألفي درهم، فنصفُ قيمةِ الجنينِ إن كانَ ذكراً لا يكونَ أقلَّ من قيمتِهِ إن كان أُنثى، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه -: يجبُ النُّقصانُ لو انتقصتِ الأمُّ بإلقائها، كما في البهائم، فإنَّ الضَّمانَ في قتلِ الرَّقيقِ ضمانُ مالٍ عنده، وعندَ الشَّافعيِّ (٢) - رضي الله عنه -: يجبُ عشرُ قيميةِ الأمّ.

(فإن ضُرِبَتْ فأعتقَ سيِّدُها حملَها فألقتْهُ فماتَ يجبُ قيمتُهُ حيَّاً لا ديته)؛ لأنَّ قتلَهُ بالضَّربِ السَّابق، وقد كانَ في حالةِ الرِّق (٣).

(ولا كفّارةَ في الجنين)، هذا عندنا، وعندَ الشَّافعيِّ (٤) - رضي الله عنه -: تجب.


(١) أي دية الأم ودية الجنين؛ لأن قتلهما فصار كما إذا ألقته حياً وماتا. ينظر: «درر الحكام» (٢: ١٠٨).
(٢) ينظر: «أسنى المطالب» (٢: ١٧٣)، و «فتوحات الوهاب» (٥: ١٠١)، غيرهما.
(٣) فلهذا تجب القيمة دون الدية وتجب قيمته حيّاً؛ لأنه بالضرب صار قاتلاً إيّاه وهو حي. ينظر: «الهداية» (٤: ١٩٠).
(٤) ينظر: «التنبيه» (ص ١٤١)، وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>