للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن قال: قطعتُ يدَها قبل إعتاقِها، وقالت: بل بعدَه، صُدِّقَت، وكذا في أخذِ المالِ منها، لا في الجماعِ والغلَّة، فإن أمرَ عبدٌ محجور، أو صبيٌّ صبياً بقتلِ رجلٍ فقتلَه، فالدِّيةُ على عاقلةِ القاتل، ورجعوا على العبدِ بعد عتقِهِ لا على الصَّبي الآمر

قال العاقل البالغ (١): طلَّقتُ امرأتي، وبعتُ داري، وأنا صبيّ، أو أنا مجنون، وكان جنونُهُ معروفاً، فالقولُ قولُه.

فإن قلت: ينبغي أن لا يكونَ لقولِ العبدِ اعتبار؛ لأنَّ معنى قولِ الأخ: إنّ دِيَةَ القتلِ على عاقلتِك، ومعنى قولِ القاتل: إن الواجبَ على مولاي الأقلَّ من قيمتي، ومن الدِّيَةِ إن لم يعلمْ بالجناية، والدِّيةُ إن كان عالماً بها، فلا اعتبارَ لقولِ العبدِ في حقِّ المولى.

قلت: الأخُ يدَّعي على القاتلِ القتلَ (٢) الخطأَ بعد العتق، ولا بيِّنةَ له، فالقاتلُ إن أقرَّ بذلكِ تلزمُهُ الدِّيَة؛ لأنَّ ما يثبتُ بالإقرارِ لا يتحمَّلُهُ العاقلة، فهو منكرٌ ذلك، بل يقول: قتلُهُ قبلَ العتقِ فيعتبرُ قولُهُ في نفي قتلِهِ بعد العتق، لا في أنَّهُ يثبتُ على المولى شيء؛ لأنَّ قولَهُ لا يكونُ حجَّةً على المولى.

(إن قال: قطعتُ يدَها قبل إعتاقِها، وقالت: بل بعدَه، صُدِّقَت، وكذا في أخذِ المالِ منها، لا في الجماعِ والغلَّة): أي أعتقَ أمَةً ثمَّ قال لها: قَطَعْتُ يدَك، أو أخذتُ منكِ هذا المالَ قبلَما أعتقتُك، وقالت: بل بعدَه، فالقولُ قولُها عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه -: القولُ قولُه، وهو القياس؛ لأنَّهُ ينكرُ الضَّمانَ بإسنادِ الفعلِ إلى حالةٍ معهودةٍ منافيةٍ للضَّمان، قلنا: لم يسندْهُ إلى حالةٍ منافيةٍ له؛ لأنَّه يضمنُ لو فعل وهي مديونةٌ، على أنَّ الأصلَ في هذهِ الأمورِ الضَّمان، فقد أقرَّ بسببِ الضَّمان، ثمَّ ادَّعى البراءةَ عنه بخلافِ ما إذا قال: جامعتُها قبلَ الاعتاق، أو أخذتُ الغلَّةَ (٣) قبلَ الإعتاق، فإنَّ تلكَ الحالةِ منافيةٌ للضَّمانِ بسببِ الجماعِ وأخذِ الغلَّة، وأيضاً الظُّاهرُ كونهما في حالةِ الرِّق.

(فإن أمرَ عبدٌ محجور، أو صبيٌّ صبياً بقتلِ رجلٍ فقتلَه، فالدِّيةُ على عاقلةِ القاتل، ورجعوا على العبدِ بعد عتقِهِ لا على الصَّبي الآمر)؛ لأنَّ المباشرَ هو الصبيُّ المأمور، فتضمنُ عاقلتُهُ ثمَّ يرجعونَ على العبدِ إذا أعتق؛ لأنَّهُ أوقعَ الصَّبيَّ في هذهِ


(١) زيادة من ب و م.
(٢) زيادة من أ و م.
(٣) إلا فيما كان قائماً بعينه في يد المقرّ؛ لأنه متى أقر أنه أخذه منها فقد أقر بيدها، ثم ادَّعى التمليك عليها، وهي تنكر، فكان القول للمنكر؛ فلذا أمر بالرد. ينظر: «الشرنبلالية» (٢: ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>