للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الغصبِ قيمتُهُ ما كانت، وما قُدِّرَ من دِيَةِ الحرِّ قُدِّرَ من قيمتِه، ففي يدِه نصفُ قيمتِه، عبدٌ قُطِعَ يَدُهُ عمداً، فأعتقَ فسرى، أُقيد إن ورثَه سيِّدُهُ فقط، وإلا لا، فإن أعتقَ أحدَ عبديهِ فشُجَّا، فعيَّن أحدهما، فأرشُهُما للسيِّد، فإن قتلَهُما رجلٌ تجبُ ديةُ حرّ، وقيمةُ عبد، وإن قتلَ كلاًّ رجلٌ فقيمةُ العبدَيْن

وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - والشَّافعيِّ (١) - رضي الله عنه -: يجبُ قيمتُهُ بالغةً ما بلغت.

(وفي الغصبِ قيمتُهُ ما كانت) (٢)، هذا بالإجماع، فإنَّ المعتبرَ في الغصبِ الماليَّةُ لا الآدميَّة.

(وما قُدِّرَ من دِيَةِ الحرِّ قُدِّرَ من قيمتِه): أي قيمةِ العبد، (ففي يدِه نصفُ قيمتِه): أي إن كانت قيمتُهُ عشرةَ آلافٍ أو أكثر، يجبُ في يدِه خمسةُ آلاف إلا خمسةُ دراهم.

(عبدٌ قُطِعَ يَدُهُ عمداً، فأعتقَ فسرى، أُقيد إن ورثَه سيِّدُهُ فقط، وإلا لا): أي إن كان وارثُ المعتقِ السيِّدُ فقط، استوفى القَوَدَ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وعندَ محمَّدٍ - رضي الله عنه - لا؛ لأنَّ القصاصَ يجبُ بالموتِ مستنداً إلى وقتِ الجرح، فإن اعتبرَ حالةَ الجرح، فسببُ الولايةِ الملك، وإن اعتبرَ حالةَ الموتِ فالسَّببُ الوراثةُ بالولاء، فجهالةُ سببُ الاستحقاقِ تمنعُ كجهالةِ المستحقّ، قلنا: لا اعتبارَ لجهالةِ السَّببِ عند تيقُّنِ مَن له الحقّ، وإن لم يكنْ الوارثُ السيِّدُ فقط: أي بقي له وارثٌ غيرُ السَيِّدِ لا يقادُ بالاتِّفاق؛ لأنَّهُ إن اعتبرَ حالةَ الجرحِ فالمستحقُّ السيِّدُ فقط، وإن اعتبرَ حالةَ الموتِ فذلكَ الوارث، أو هو مع السَيِّد، فجهالةُ المقضي لهُ تمنعُ الحكم.

(فإن أعتقَ أحدَ عبديهِ فشُجَّا، فعيَّن أحدهما، فأرشُهُما للسيِّد، فإن قتلَهُما رجلٌ تجبُ ديةُ حرّ، وقيمةُ عبد، وإن قتلَ كلاًّ رجلٌ فقيمةُ العبدَيْن): أي قال لعبديه: أحدكُما حرُّ ثمَّ شُجَّا فبيَّن السيِّدُ أنَّ المرادَ بأحدهما هذا المعيَّن، فأرشهما للسيِّدِ لما عرفَ أنَّ البيانَ إظهارٌ من وجه، وإنشاءٌ من وجه، وبعدَ الشَّجةِ يبقى محلاً للإنشاء، فاعتبرَ إنشاء (٣)، فكأنَّهُ أعتقَ وقتَ البيان.


(١) ينظر: «النكت» (٣: ٣٧٦)، وغيرها.
(٢) صورته: رجلٌ غصبَ عبداً قيمته عشرونُ ألفاً، فهلك في يده تجب قيمته بالغة ما بلغت، هذا بلا خلاف، فإنّ المعتبرَ في الغصبِ الماليّة لا الآدميّة؛ لأنَّ الغصب لا يردّ إلا على المال كما لا يخفى. ينظر: «حسن الدراية» (٤: ١٨٢).
(٣) أي في حقهما، وبعد الموت لم يبق محلاً للبيان، فاعتبرناه إظهاراً محضاً وأحدهما حرّ بيقين فتجب قيمة عبد ودية حرّ، بخلاف ما إذا قتل كل واحد منهما رجل حيث تجب قيمة المملوكين؛ لأنا لم نتيقن بقتل كل واحد منهما حراً وكل منهما ينكر ذلك. وتمامه في «الهداية» (٤: ٢١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>