للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقنُّ في الفصليْن كالمدبَّر، لكنَّ السيِّدَ يدفعُ القنَّ وقيمةَ المدبَّر، مدبَّرٌ غُصِبَ مرَّتيْن، فجنى في كلِّ مرَّة، ضَمِنَ سيِّدُه قيمةً لهما، ورجعَ بقيمتِهِ على الغاصب، ودفعَ نصفَها إلى الأوَّل، ورجعَ به على الغاصب، ومَن غصبَ صبيَّا حرَّاً فماتَ معه فجأة أو بحمَّى، لم يضمن، وإن ماتَ بصاعقةٍ أو نهشِ حيَّةٍ ضمنَ عاقلتُهُ الدِّية

وفي صورةِ العكس: لا، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسفَ - رضي الله عنه -، وقال محمَّد - رضي الله عنه -: نصفُ القيمةِ التي رجعَ به على الغاصبِ يُسَلَّمُ للمولى ولا يدفعُ إلى وليِّ الجنايةِ الأولى؛ لأنَّهُ عوَّضَ ما أخذَ وليُّ الجنايةِ الأولى، فلا يدفعُ إليه كيلا يجتمعَ البدلُ والمبدلُ في ملكِ شخصٍ واحد.

لهما: أنّ حقَّ الأوَّلِ في جميعِ القيمة؛ لأنَّهُ حين جنى في حقِّهِ لا يزاحمُهُ أحد، وإنَّما ينتقصُ باعتبارِ مزاحمةِ الثَّاني فإذا وجدَ شيئاً من بدلِ العبدِ في يدِ المالكِ فارغاً يأخذُهُ منهُ ليتمَّ حقَّه، فإذا أخذَ منه يرجعُ به المولى على الغاصب؛ لأنَّهُ أخذَهُ منه بسببٍ كان عند الغاصب، ولا يرجعُ به في صورةِ العكس؛ لأنَّ الجنايةَ الأولى كانت في يدِ المالك.

(والقنُّ في الفصليْن كالمدبَّر، لكنَّ السيِّدَ يدفعُ القنَّ وقيمةَ المدبَّر): أي إذا كانَ مقامَ المدبَّرِ قنٌّ في الفصليْن يدفعُ القنَّ، ثمَّ يرجعُ بنصفِ قيمتِهِ على الغاصب، ويسلِّمُ للمالكِ عندَ محمَّدٍ - رضي الله عنه -، وعندهما: لا يسلَّمُ له، بل يدفعُهُ إلى الأوَّل، فإذا دفعَهُ إلى الأوَّلِ يرجعُ في الفصلِ الأوَّلِ على الغاصب، وفي الثَّاني لا.

(مدبَّرٌ غُصِبَ مرَّتيْن، فجنى في كلِّ مرَّة، ضَمِنَ سيِّدُه قيمةً لهما، ورجعَ بقيمتِهِ على الغاصب، ودفعَ نصفَها إلى الأوَّل، ورجعَ به على الغاصب): أي مُدبَّرٌ غصبَه زيدٌ مرَّةً فجنى عنده، ثمَّ ردَّهُ على المالك، ثمَّ غصبَهُ فجنى عنده، فعلى المالكِ قيمتُهُ بينهما نصفَيْن؛ لأنَّه منعَ رقبةً واحدةً بالتَّدبيرِ فيجبُ عليه قيمتُه، ثمَّ يرجعُ بتلكَ القيمةِ على الغاصب؛ لأنَّ الجنايتيْنِ كانتا عندَه، فيدفعُ نصفَها إلى الأوَّل، ويرجعُ بهِ على الغاصبِ قبلَ دفعِ النِّصفِ إلى الأوَّل، وهذا متَّفقٌ عليه، وقيل: فيه خلافُ محمَّدٍ - رضي الله عنه - كما في تلكَ المسألة.

(ومَن غصبَ صبيَّا حرَّاً فماتَ معه فجأة أو بحمَّى، لم يضمن، وإن ماتَ بصاعقةٍ أو نهشِ حيَّةٍ ضمنَ عاقلتُهُ الدِّية)، والقياسُ أن لا يضمنَ بالغصب، وهو قولُ زفرَ - رضي الله عنه - والشَّافعيِّ (١) - رضي الله عنه -؛ لأنَّ الغصبَ في الحرِّ لا يتحقُّق، وجهُ الاستحسانِ: أنّه لا يضمنُ


(١) ينظر: «النكت» (٣: ٣٨٥)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>