للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

....................................................................................................................

بأنَّ أهلَ المحلَّةِ قتلوه استحلفَ الأولياءُ خمسينَ يميناً أنَّ أهلَ المحلَّةِ قتلُوه، ثمَّ يقضي بالدِّيَةِ على المدَّعى عليه سواءٌ كانَ الدَّعوى بالعمدِ أو بالخطأ.

وقال مالكٌ (١) - رضي الله عنه -: يقضي بالقَوَدِ إن كان الدَّعوى بالعمد، وهو أحدُ قولَيْ الشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه -، وإن لم يكنْ به لوثٌ فمذهبُهُ مثلُ مذهبنا، إلا أنَّه لا يكرَّرُ اليمين، بل يردُّها على الوليّ، وإن حلفوا لا دِيَة عليهم.

لنا: أنّ البيِّنةَ على المدَّعي، واليمينَ على مَن أنكر، فاليمينُ عندنا ليظهرَ القتل، بتحرُّزِهِم عن اليمينِ الكاذبة فيقرُّوا، فيجبُ القصاص، فإذا حلفُوا حصلتِ البراءةُ عن القصاص، وإنَّما تجبُ الدِّيَةُ لوجودِ القتيلِ بين أظهرِهم، وإنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - جمعَ بين الدِّيَةِ والقَسَامة في حديثٍ رواهُ (٣) سهل (٤)، وحديثٍ رواهُ زياد (٥)

بن مريم (٦)، وكذا جمعَ عمرُ - رضي الله عنه -.


(١) ينظر: «المدونة» (٤: ٦٤٩)، و «حاشية العدوي» (٢: ٢٩٠)، وغيرهما.
(٢) ينظر: «النكت» (٣: ٤١١)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٤: ١٦٨)، وغيرهما.
(٣) من حديث سهل بن أبي سلمة أخبره «أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم فأتى محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قيل وطرح في عين فأتى يهود، فقال: أنتم والله قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه، ثم أقبل من قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، ثم أقبل هو وحويصة، وهو أخوه أكبر منه وعبد الرحمن بن سهل فذهب محيصة ليتكلَّم، وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيِّر كبِّر وتكلَّم حويصة، ثم تكلَّم محيصة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إما أن تدوا صاحبكم أو تؤذنوا بحرب، وكتب النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكتبوا أما والله ما قتلناه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن تحلفون وتستحقون دم صاحبكم، قالوا: لا قال فتحلف لكم يهود قالوا: ليسوا مسلمين فوداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عنده فبعث إليهم بمئة ناقة حتى دخلت عليهم الدار، قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء» في «موطأ مالك» (٢: ٨٧٧)، و «سنن النسائي» (٣: ٤٨٣) واللفظ له، وأصله في «صحيح البخاري» (٣: ١١٥٨).
(٤) وهو سهل بن أبي حَثَمة عبد الله بن ساعدة بن عامر بن عَدي بن مجدة الأوسيّ الأنصاريّ، توفِّي في خلافة معاوية، وكانت ولادتُه سنة ثلاث من الهجرة، شهدَ المشاهد: أحداً فما بعدها. ينظر: «التقريب» (ص ١٩٧ - ١٩٨). «إسعاف المبطئ برجال الموطأ» (ص ١٨).
(٥) قال اللكنوي في «مقدمة عمدة الرعاية» (١: ٤٧): لم أعرف إلى الآن المرادُ من زياد ومن ابن زياد. أقول: المترجم له في كتب الرجال هو زياد بن أبي مريم الجَزَري، قال العجلي: ثقة تابعي، وذكره ابن حبان في «الثقات»، قال الذهبي: فيه جهالة وقد وثق، قال ابن حجر: من السادسة. ينظر: «تهذيب الكمال» (٩: ٥١٠ - ٥١٤). «الميزان» (٣: ١٣٦). «التقريب» (ص ١٦١).
(٦) ذكر صاحب «الكفاية» (٩: ٣٠٨): أن حديث زياد بن مريم: ما روى خصيف عن زياد بن أبي
مريم أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إني وجدت أخي قتيلاً في بني فلان، فقال اختر من شيوخهم خمسين رجلاً فيحلفون بالله ما علمنا له قاتلاً ولا قتلناه، فقال: وليس لي من أخي إلا هذا، قال نعم ومئة من الإبل»، ولكن لم أقف عليه في كتب الحديث. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>