للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبمثلِ نصيبِ ابنِهِ صحَّتْ وبنصيبِ ابنِهِ لا، وله ثُلُثٌ إن أوصى مع ابنين. وبجزءٍ من مالِهِ يُبيِّنُهُ الورثة، وبسهمِ السُّدُس في عُرْفِهم، وهو كالجزءِ في عُرْفِنا، فإن قال: سدسُ مالي له، ثُمَّ قال: ثُلُثُهُ له، وأجازوا، له ثُلُث

لإمكانِ أن يَظْهَرَ له مالٌ فوقَ المئة، وإذا لم تكنْ باطلةً بالكليّة، يكونُ معتبرةً في حقِّ الضَّرْب، وهذا فرقٌ دقيقٌ شريف.

(وبمثلِ نصيبِ ابنِهِ صحَّتْ (١) وبنصيبِ ابنِهِ لا)؛ لأنَّ الوصيةَ بما هو حقُّ الابنِ لا تصحُّ لغيرِه، وفيه خلافُ زُفَرَ - رضي الله عنه -، (وله ثُلُثٌ (٢) إن أوصى مع ابنين.

وبجزءٍ (٣) من مالِهِ يُبيِّنُهُ الورثة): أي يقالُ للورثةِ أعطوهُ ما شئتم؛ لأنَّه مجهول، والجهالةُ لا تمنعُ صحَّة الوصية، فالبيانُ إلى الورثة.

(وبسهمِ السُّدُس في عُرْفِهم، وهو كالجزءِ في عُرْفِنا)، فالسُّدُس قولُ أبي حنيفة - رضي الله عنه - بناءً على عُرْفِ بعضِ النَّاس، وقالا: له مثلُ نصيبِ أحدِ الورثة، ولا يزادُ على الثُّلُث إلاَّ أن يجيزَ الورثة.

(فإن قال: سدسُ مالي له، ثُمَّ قال: ثُلُثُهُ له، وأجازوا، له ثُلُث): أي يكون السُّدُسُ داخلاً في الثُّلُث، فإن قلتَ: قولُهُ: ثُلُثُ مالي له؛ إن كان إخباراً فكاذب، وان كان إنشاءً يجبُ أن يكونَ له النِّصْفُ عند إجازة الورثة، وإن كان في السُّدسِ إخبارٌ، وفي السُّدُسِ إنشاء، فهذا ممتنعٌ أيضاً.

قلتُ: (لا جواب لهذا السُّؤال) (٤).


(١) إذ لا مانع منه؛ لأن مثل الشيء غيره سواء كان له ابن موجود أو لا. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٦٩٨).
(٢) أي إن أوصى مع ابنين بمثل نصيب ابنه، فللموصى له الثلث، والقياسُ أن يكونَ النصفُ عند إجازةِ الورثة؛ لأنّه أوصى له بمثل نصيب ابنه، ونصيبُ كلِّ واحدٍ منهما النصف، ووجه الثلث أنّ قصده أن يجعلَه مثل ابنه، ونصيبه مثل نصيبِ ابنه، لا أن يجعلَ نصيبه زائداً على نصيب ابنه، وذلك بأن يجعلَ الموصى له كأحدهم. ينظر: «التبيين» (٦: ١٨٨ - ١٨٩).
(٣) أي ولو أوصى بجزءٍ من ماله، يقال للورثة: أعطوه ما شئتم؛ لأنّ الجزءَ مجهول، يتناولُ القليلَ والكثير، غير أنَّ الجهالةَ لا تمنعُ صحَّة الوصيّة؛ لأنَّ باب الوصيّة أوسع، والورثةُ قائمون مقامَ الموصي، فإليهم البيان. ينظر: «حسن الدراية» (٤: ١٩٨).
(٤) أجاب عنه ملا خسرو في «الدرر» (٢: ٤٣٤): أقول: وبالله التوفيق نختار أنه إنشاء، وإنما يجب له النصف عند الإجازة لو كان النصف مدلول اللفظ، وليس كذلك فإن السدس والثلث في كلامه شائع، وضم الشائع إلى الشائع لا يفيد ازدياداً في المقدار، بل يتعيَّن الأكثرُ مقدماً كان أو مؤخراً؛ ولهذا قال الجمهور في تعليله: لأن الثلث متضمنٌ للسدس، فإن التضمُّنَ لا يتصوَّرُ إلاَّ في الشائع وضمُّ السدس الشائع إلى الثلث الشائع لا يفيد زيادة في العدد، فلا يتناول أكثر من الثلث وفائدة الإجازة إنَّما تظهر فيما يكون متناول اللفظ وإلا لكان براً مستأنفاً لا إجازة، ويقرب من هذا قول أهل المعقول: إن ضم الكلي إلى الكلي لا يفيد الجزئية.

<<  <  ج: ص:  >  >>