للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبثُلُثٍ لزيدٍ وعمرو، وعمروٌ ميْتٌ كلُّه لزيد، فإن قال: بينهما، فنصفُهُ له، وبثلثٍ، وهو فقيرٌ، له ثُلُثُ مالهِ عند موتِه، وبثُلُثِ غَنَمِه، ولا غَنَمَ له، أو هَلَكَ قبل موتِه، بطلت، وبشاةٍ من مالي، أو غنمي، ولا شاةَ له قيمتُها في مالي، وبطلت في غنمي

وبثُلُثٍ لزيدٍ وعمرو، وعمروٌ ميْتٌ كلُّه لزيد)؛ لأنَّ الميْتَ لا يزاحمُ الحيَّ كما لو قال: لزيد وجدار، وعن أبي يوسف - رضي الله عنه - أنَّه إن لم يعلمْ بموتِه، فله نصفُ الثُّلُث؛ لأنَّ الوصيةَ عنده صحيحةٌ لعمرو، فلم يرضَ للحيِّ إلاَّ بنصفِ الثُلُث بخلاف ما إذا عَلِمَ بموتِه؛ لأنَّ الوصيةَ للميِّتِ لغوٌ، فيكونُ راضياً بتمامِ الثُّلُث لزيد، (فإن قال: بينهما، فنصفُهُ له): أي إن قال: ثُلُثُ مالي بين زيدٍ وعمرو، وهو ميتٌ، فلزيدٍ نصفُ الثُّلُث؛ لأنَّه صريحٌ في أن لزيدٍ نصفَ الثُّلُث.

(وبثلثٍ، وهو فقيرٌ، له ثُلُثُ مالهِ عند موتِه): أي قال: ثُلُثُ مالي، ولا مال للموصى، فاكتسب مالاً، فللموصى له ثُلُثُ مالِ الموصي عند موتِه.

(وبثُلُثِ غَنَمِه، ولا غَنَمَ له، أو هَلَكَ قبل موتِه، بطلت): قوله: ولا غَنَمَ له، معناه: أنَّه لا غنم له عند الوصية، ولم يستفدْ غنماً، حتَّى إن استفادَ غَنَمَاً، فالصَّحيحُ أن الوصيةَ تصح (١).

(وبشاةٍ من مالي، أو غنمي، ولا شاةَ له قيمتُها في مالي، وبطلت في غنمي)، فإنَّهُ إذا قال: له شاةٌ من مالي، ولا شاة له، عُلِمَ أنَّ المرادَ ماليةُ الشَّاة، وإذا قال: له شاة من غنمي، ولا غنمَ له، يرادُ به (٢) عينُ الشاة، وليست موجودة، فيبطل الوصية.

واعلم أنَّه قال في «الهداية»: ولا غَنَمَ له (٣). وقال في «المتن»: ولا شاةَ له. وبينهما فرق؛ لأنَّ الشاةَ فردٌ من الغَنَم، فإذا لم يكنْ له شاةٌ لا يكونُ له غنم، لكن إذا لم يكن له غنمٌ لا يلزمُ أن لا يكون له شاة؛ لاحتمال أن يكونَ له واحدٌ لا كثير، فعبارةُ «الهداية» تناولت صورتينِ ما إذا لم يكنْ له شاةٌ أصلاً، وما يكونُ له شاة، لكن لا غنمَ له، ففي الصُّورتين تبطلُ الوصية، وعبارةُ «المتن» لم تتناول إلاَّ الصَّورة الأولى، ولم يعلم منها الحكمُ في الصُّورة الثَّانية، فعبارةُ «الهداية» أشمل، لكنّ هذه أحوط.


(١) لأنّها لو كانت بلفظِ المال تصحّ كما مرّ آنفاً، فكذا تصحُّ إذا كانت باسم نوعه، وهذا لأنَّ وجودَ ما أوصى به قبل الموتَ فضل، والمعتبرُ قيامه عند الموت. ينظر: «الهداية» (٤: ٢٣٩).
(٢) زيادة من ص.
(٣) انتهى من «الهداية» (٤: ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>