للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبغلَّتِهما، فإن خرجَت الرَّقبة من الثُّلُث سُلِّمت إليه لها، وإلاَّ قُسِمَ الدَّارُ أثلاثاً ويُهايأ العبد، وبموتِهِ في حياةِ موصيهِ تبطل، وبعد موتِهِ يعودُ إلى الورثة، وبثمرةِ بستانِهِ إن ماتَ وفيه ثمرةٌ له هذه فقط، وإن ضمَّ أبداً، فله هذه وما يحدُثُ كما في غلَّةِ بستانِه، وبصوفِ غنمِه، وولدِها، ولبنِها له ما في وقتِ موتِهِ ضمَّ أبداً أو لا، وتورث بِيعةٌ وكنيسةٌ جُعِلَتا في الصِّحَّة

وبغلَّتِهما (١)، فإن خرجَت الرَّقبة من الثُّلُث سُلِّمت إليه لها): أي إلى الموصى له لأجلِ الوصية، (وإلاَّ قُسِمَ الدَّارُ أثلاثاً ويُهايأ العبد): أي يقسمُ الدَّارُ ويُسلَّمُ إلى الموصى له مقدارَ ثُلُثِ المالِ ليسكُنَ فيه، والعبدُ يَخْدِمُ الموصى له بمقدارِ ما صحَّتْ فيه الوصية، ويخدمُ الورثةُ بمقدارِ ما لم تصحّ.

(وبموتِهِ في حياةِ موصيهِ تبطل، وبعد موتِهِ يعودُ إلى الورثة): أي بموتِ الموصى له بعد موتِ موصيه تعودُ إلى ورثةِ الموصي؛ لأنَّه أوصى بأن ينتفعَ الموصى له على ملكِ الموصي، فإذا مات الموصى له يعودُ إلى ورثةِ الموصي بحكمِ الملك.

(وبثمرةِ بستانِهِ إن ماتَ وفيه ثمرةٌ له هذه فقط): أي للموصى له الثَّمرةُ الكائنةُ حال موتِ الموصي لا ما يحدُثُ بعده، (وإن ضمَّ أبداً، فله هذه وما يحدُثُ كما في غلَّةِ بستانِه): أي أوصى بغلَّةِ بستانِهِ سواءٌ ضَمَّ لفظ الأبد أو لا، فله هذه وما يحدث.

(وبصوفِ غنمِه، وولدِها، ولبنِها له ما في وقتِ موتِهِ ضمَّ أبداً أو لا)، والفرقُ بين الثَّمرة والغلَّة والصُّوف: أنَّ الغلَّةَ تطلقُ على الموجود، وعلى ما يوجدُ مرَّةً بعد أخرى، والثَّمرةُ والصُّوف لا يطلقان إلا على الموجود، إلاَّ أنَّه إذا ضُمَّ أبداً صارَ قرينةً دالةً على تناولِ المعدوم، فتصحّ في الثَّمرة دون الصُّوف؛ لأنَّ العقدَ على الثَّمرة المعدومةِ يصحُّ شرعاً كالمساقاةِ لا على الصُّوف والولدِ ونحوِهما.

(وتورث بِيعةٌ وكنيسةٌ جُعِلَتا في الصِّحَّة)؛ لأنَّ هذا بمَنْزلةِ الوقفِ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، والوقفُ يورثُ عنده (٢)، وأمَّا عندهما: لا؛ لأنَّ هذه معصية فلا تصحّ.


(١) الغلّة: كلّ ما يحصلُ من ريعِ أرض أو كرائهما، أو أجرةِ غلام أو نحو ذلك. ينظر: «المغرب» (ص ٣٤٤).
(٢) فإن قيل: هذا في حقِّهم كالمسجد في حقِّنا، ولا يورث المسجدُ ولا يباع، فينبغي أن يكون هذا كذلك، قلنا: إنّ ملك الباقي ينقطع عن المسجد لا ملكهم عن كنائسهم؛ لأنّهم يسكنون ويدفنون موتاهم فيها، ولو كان المسجد كذلك يورث قطعاً. ينظر: «الهداية» (٤: ٢٥٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>