للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

....................................................................................................................

واظبَ على التَّيامنِ في غسلِ الأعضاء (١)، ولم يروِ أحدٌ أنَّهُ بدأ بالشِّمال، فينبغي أن يكونَ سنَّة.

قلتُ: السُنَّةُ ما واظبَ عليه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مع التَّركِ أحياناً، فإن كانت المواظبةُ المذكورةُ على سبيلِ العبادةِ فسننُ الهدى (٢)، وإن كانت على سبيلِ العادةِ فسننُ الزَّوائد، كلبسِ الثَّياب، والأكل باليمين، وتقديمِ الرِّجلِ اليُمْنى في الدُّخول، ونحو ذلك.

وكلامُنا في الأَوَّل (٣)، ومواظبةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - على التَّيامنِ كانت من قبيلِ الثَّاني (٤)، ويفهمُ هذا من تعليلِ صاحبِ «الهداية» (٥) بقولِه: «إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ فِي كُلِّ شَيء، حَتَّى التَّنَعُلَّ والتَّرُجُّل» (٦). (٧)


(١) وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا توضَّأتم فابدؤوا بميامنكم»، كما في «صحيح ابن حبان» (٣: ٣٧٠)، و «سنن ابن ماجه» (١: ١٤١)، و «المعجم الأوسط» (٢: ٢١)، و «موارد الظمآن» (١: ٣٥٠).
(٢) السنة نوعان: سنة الهدى وتركها يوجب إساءة وكراهية: كالجماعة والأذان، والإقامة ونحوها، وسنة الزوائد وتركها لا يوجب ذلك كسنن النبي - صلى الله عليه وسلم - في لباسه وقيامه وقعوده. ينظر: «التنقيح» (١: ١٢٤).
(٣) أي مقصودنا نفي المعنى الأول عن التيامن، وهو أنه من سنن الهدى.
(٤) أي أنه من سنن الزوائد.
(٥) وهو علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفَرْغَانِيّ المَرْغِينَانِيّ، أبو الحسن، برهان الدين، قال الكفوي: كان إماماً فقيهاً حافظاً مفسِّراَ جامعاً للعلوم ضابطاً للفنون، متقناً محقِّقاً نظاراً مدقِّقاً زاهداً ورعاً بارعاً فاضلاً ماهراً أصولياً أديباً شاعراً لم تر العيون مثله في العلم والأدب، وله اليد الباسطة في الخلاف والباع الممتد في المذهب، له: «مختارات النوازل»، و «كفاية المنتهى»، «مختار الفتاوى»، (ت ٥٩٣ هـ). ينظر: «الجواهر» (٢: ٦٢٧ - ٦٢٩)، «تاج» (ص ٢٠٦ - ٢٠٧)، «مقدِّمة الهداية» (٣: ٢ - ٤).
(٦) لم يرد هذا الحديث بهذا اللفظ في كتب الحديث كما صرَّح مخرِّجوا أحاديث «الهداية»، كما في «نصب الراية» (١: ٣٤)، و «الدراية» (١: ٢٨)، و «البناية» (١: ١٨٧)، وإنِّما ورد عن عائشة - رضي الله عنه - قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحبُّ التيمن في طهوره إذا تطهر، وفي ترجله إذا ترجل، وفي انتعاله إذا انتعل» في «صحيح البخاري» (١: ١٦٥)، و «صحيح مسلم» (١: ٢٢٦)، واللفظ له، و «صحيح ابن خزيمة» (١: ٩١)، و «صحيح ابن حبان» (١: ٢٧١)، وغيرها، وتمام الكلام في معنى الحديث، وتنعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في «غاية المقال فيما يتعلق بالنعال» للكنوي وحاشيتها «ظفر الأنفال على حواشي غاية المقال» له أيضاً.
(٧) انتهى من «الهداية» (١: ١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>