للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلُّ إهابٍ دُبِغَ فقد طهُر إلاَّ جلدَ الخنْزيرِ والآدميّ

وعند مالكٌ (١) والشَّافِعِيُّ - رضي الله عنهم - في قولِهِ القديم (٢): هو طاهرٌ مطهِّر.

ونحن نقول: لو كان طاهراً لجازَ في السَّفرِ الوضوءُ به، ثمَّ الشُّربُ منه (٣): (أي لا يجوزُ الوضوءُ بالماءِ المستعمل، ولا الشُّرب) (٤)، ولم يقلْ أحد بذلك.

(وكلُّ إهابٍ دُبِغَ فقد طهُر (٥) إلاَّ جلدَ الخنْزيرِ والآدميّ).

اعلمْ أنَّ الدِّباغةَ هي إزالةُ رائحةِ النَّتنِ والرُّطوباتِ النَّجسةِ من الجلد، فإن كانت بالأدويةِ كالقَرظِ (٦) ونحوِهِ يطهرُ الجلدُ ولا تعودُ نجاستُهُ أبداً، وإن كانت بالتُّرابِ أو بالشَّمسِ يطهرُ إذا يَبِس، ثمَّ إن أصابَهُ الماءُ هل يعودُ نجساً؟

فعن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -: روايتان (٧).

وعن أبي يوسفَ (٨) - رضي الله عنه -: إن صارَ بالشَّمسِ بحيثُ لو تركَ لم يفسدْ كان دباغاً.


(١) ينظر: «مرشد اقرب المسالك» (ص ٣)، و «المرشد المعين» وشرحه «مختصر الدر الثمين المورد المعين» (ص ٢٣)، «مختصر خليل» (ص ٤)، و «حاشية الدسوقي» (١: ٤٢)، و «التاج والإكليل» (١: ٦٦)، و «الفواكه الدواني» (١: ١٢٥)، ولكنهم قالوا: كره ماء مستعمل في حدث.
(٢) قال الشربيني في «مغني المحتاج» (١: ٢٠) أن مذهب الشافعي القديم هو أن الماء طهور.
(٣) زيادة من أ و ب و س.
(٤) زيادة من م.
(٥) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أيما إهاب قد دبغ فقد طهر» في «صحيح مسلم» (١: ٢٧٧)، و «سنن أبي داود» (٤: ٦٦) و «موطأ مالك» (٢: ٤٩٨)، و «سنن الدارمي» (٢: ١١٧)، وغيرها
(٦) القَرظ: ورق السَّلم يُدْبَغ به، وقيل: قِشْر البلوط. ينظر: «مختار الصحاح» (ص ٥٣٠).
(٧) وهما: الأولى: يعود نجساً؛ لعود الرطوبة، والثانية: لا يعود نجساً، وهو الأقيس؛ لأن هذه الرطوبة ليست تلك التي كانت بقية الفضلات النجسة؛ لأن تلك تلاشت وصارت هواء، وذهبت معه، بل رطوبة تجددت من ماء طاهر وسرت في أجزاءه حكم بطهارتها وملاقاة الطاهر الطاهر لا توجب تنجيسه، وهو المختار. ينظر: «غنية المستملي» (ص ١٥٦).
(٨) تأييداً لرواية عدم العود بأنه روي عن أبي يوسف - رضي الله عنه -: أن الجلد إذا شمّس وصار حيث لو ترك كان دباغاً، فيحكم بطهارته، ولم يفصل بين ما إذا أصابه الماء بعد وبين ما إذا لم يصبه. ينظر: «السعاية» (ص ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>