للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنكر بعضُ العلماء هذه الألقاب:

منهم: القرطبيُّ في «شرح أسماء الله الحسنى»، فقال: قد دلَّ الكتاب والسنة على المنع من تزكية الإنسان نفسه، قال علماؤنا: ويجري هذا المجرى ما كثر في الديار المصرية وغيرها من بلاد العرب والعجم من نعتهم أنفسهم بالنعوت التي تقتضي التزكية والثناء كزكي الدين، ومحيي الدين، وعلم الدين وشبه ذلك (١).

ومنهم: ابن النحاس (٢) في «تنبيه الغافلين» عند ذكر المنكرات: فمنها ما عمَّت به البلوى في الدين من

الكذب الجاري على الألسن وهو ما ابتدعوه من الألقاب: كمحيي الدين، ونور الدين، وعضد الدين، وغياث الدين، ومعين الدين، وناصر الدين، ونحوها من الكذب الذي يتكرر على الألسن حال النداء والتعريف والحكاية، وكل ذلك بدعة في الدين ومنكر. انتهى (٣).

ولكن اللكنوي (٤) أجابهم بعد ذكر كلامهم بقوله: هذا إذا لم يكن مَن وُصِفَ به أهلاً له أو كان أهلاً وأرادَ به تزكيةَ نفسه. انتهى (٥).

ويؤيِّدُ هذا أن مَن لُقِّبَ بهذه الألقاب هم كبارُ العلماء والفقهاء العارفين بأحكام الدين، فلو لم يكن ذلك جائزاً شرعاً لَمَا ارتضوه، وأطلقوه على بعضهم. والله أعلم.


(١) ينظر: «الفوائد البهية» (ص ٤١٠).
(٢) وهو أحمد بن إبراهيم بن محمد الدمشقي الدمياطي، محيي الدين، المعروف بابن النحاس، قال السخاوي: كان حريصاً على أفعال الخير مؤثراً للخمول كثير المرابطة والجهاد. من مؤلفاته: «مشارع الأشواق إلى مصارع العشاق»، و «مثير الغرام إلى دار السلام»، و «المنكرات والبدع»، (ت ٨١٤ هـ). ينظر: «الضوء اللامع» (١: ٢٠٣ - ٢٠٤). «الطبقات السنية» (ص ٤٠٩).
(٣) من «الفوائد البهية» (ص ٤١٠).
(٤) وهو محمد عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي الأنصاري الحنفي، وهو أحد مجدِّدي المئة الثالثة عشرة الهجرية، له: «حاشية الهداية»، و «التعليق الممجد على موطأ محمد»، و «الرفع والتكميل في الجرح والتعديل»، (ت ١٣٠٤ هـ). ينظر: «مقدمة التعليق» (١: ١٠٩ - ١١٣). «الإمام عبد الحي» (ص ٥٥ - ٩٠). «المنهج الفقهي» (ص ٢٩ - ١٣٩).
(٥) من «الفوائد البهية» (ص ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>