للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مملوكٌ مُلكاً تاماً على حرٍّ مكلَّف مسلم، فلا تجبُ على مكاتب ومديونٍ مطالبٍ من جهةِ عبدٍ بقدرِ دينِه، ولا في مالٍ مفقود، وساقطٍ في بحر، ومغصوبٍ لا بيِّنةَ عليه، ومدفونٍ في بَرْيَّةٍ

ولا بُدَّ أن يكونَ فاضلاً عن حاجتِهِ الأصليَّةِ كالأطعمة، والثِّياب، وأثاثِ المَنْزل، ودوابِّ الرُّكوب، وعبيدِ الخدمة، ودورِ السُّكْنَى، وسلاحٍ يستعملها، وآلاتِ المحترفة، والكتبِ لأهلها (١).

(مملوكٌ مُلكاً تاماً): أي رقبةً، ويداً (٢)، (على حرٍّ مكلَّف): أي عاقل، بالغ، (مسلم، فلا تجبُ على مكاتب (٣))؛ لعدمِ الملكِ التَّام، فإن له ملكَ اليدِ لا ملكِ الرَّقبة، (ومديونٍ مطالبٍ من جهةِ (٤) عبدٍ بقدرِ دينِه)؛ لأنَّ ملكَهُ غيرُ فاضلٍ عن الحاجةِ الأصليَّة، وهي قضاءُ الدَّين، وإنِّما قيَّدَ بكونِه مطالباً من عبد حتَّى لو كان مطالباً من اللهِ لا يمنعُ وجوبَ الزَّكاة، كمنَ ملكَ نصاباً بعضُهُ مشغولٌ بدينِ الله كالنَّذر، أو الكفارة، أو الزَّكاة (٥) تجب فيه الزَّكاة، ولا يشترطُ لوجوبِ الزَّكاة فراغُهُ عن هذا الدَّين.

وقولُهُ: بقدرِ دينِهِ، متعلِّقٌ بقولِهِ: فلا تَجِب: أي لا تَجِبُ على المديونِ بقدر ما يكونُ مالُهُ مشغولاً بالدَّين.

(ولا في مالٍ مفقود، وساقطٍ في بحر، ومغصوبٍ لا بيِّنةَ عليه، ومدفونٍ في بَرْيَّةٍ (٦)


(١) التقييد بأهلها غير معتبر المفهوم إلا أنه يراد به إخراجها عن حاجته الأصلية، فالكتب لا زكاة فيها على الأهل وغيرهم من أي علم كانت لكونها غير نامية، وإنما الفرق بين الأهل وغيرهم في جواز أخذ الزكاة والمنع عنه فمن كان من أهلها إذا كان محتاجاً إليها للتدريس والحفظ والتصحيح، فإنه لا يخرج بها عن الفقر، فله أخذ الزكاة، وتمامه في «رد المحتار» (٢: ٨)، وينظر: «البحر» (٢: ٢٢٢).
(٢) يعني يكون مملوكاً له ذاتاً وتصرُّفاً بحيث يقدرُ على التَّصرُّفِ فيه، وعلى الانتقالاتِ الملكيّةِ فيه. ينظر: «رد المحتار» (٢: ٤ - ٥)، و «العمدة» (١: ٢٦٩).
(٣) مكاتب: أي العبد الذي كاتبه سيده على مال مقابل أن يعتقه. ينظر: «الاختيار» (٤: ٢٧٢).
(٤) زيادة من ب و ج و س.
(٥) التمثيل بالزكاة هنا إنما يكون على رأي زفر - رضي الله عنه - وعلى رواية غير معتبرة عن أبي يوسف - رضي الله عنه -، والمعتبر عن الأئمة الثلاث أن دين الزكاة يمنع حال بقاء النصاب وكذا بعد الاستهلاك؛ لأن الإمام ونوابه يطالبونه في الأموال الظاهرة والباطنة. ينظر: «الإيضاح» (ق ٢٦/ب)، و «الدرر» (١: ١٧٢)، و «رد المحتار» (٢: ٥)، و «العمدة» (١: ٢٦٩).
(٦) البَريَّة: أي المفازة، وقيد بها؛ لأن المدفون في الدار والبستان نصاب؛ لأنه يمكن حفر جميع الدار والبستان والوصول إليه. ينظر: «شرح ابن ملك» (ق ٥٦/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>