للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا أداءَ إلاَّ بنيَّةٍ قُرِنَتْ به، أو بعزل قَدْرِ ما وَجَب، وتصدُّقُهُ بكلِّ مالِه بلا نيَّةٍ مُسْقِطٌ، وببعضِهِ لا عند أبي يوسف - رضي الله عنه -، وعند محمد - رضي الله عنه - سقط زكاة المؤدَّى.

ثُمَّ هذه النِّيَّةُ إنِّما تعتبرُ إذا وُجِدَتْ زمانَ حدوثِ سببِ الملك، حتَّى لو نَوَى التِّجارة بعد حدوثِ سببِ الملك لا تَجِبُ فيه الزَّكاةُ (بنية التِّجارة) (١)، وهذا معنى قولِهِ: ثُمَّ لا يصيرُ للتِّجارة، وإن نواهُ لها.

ثُمَّ لا بُدَّ أن يكونَ سببُ الملكِ سبباً اختيارياً، حتَّى لو نوى التِّجارةَ زمانَ تملُّكِهِ بالإرث لا تجب فيه الزَّكاة، ثُمَّ ذلك السَّبب الاختياري، هل يجبُ أن يكونَ شراءً أم لا؟ فعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رضي الله عنهم - لا (٢)، وعند محمَّد - رضي الله عنه - تجب، وقيل: الخلافُ على العكس، فعند أبي يوسف - رضي الله عنه - لا بُدَّ أن يكونَ شراء، وعند محمَّد لا.

(ولا أداءَ إلاَّ بنيَّةٍ قُرِنَتْ به، أو بعزل قَدْرِ ما وَجَب، وتصدُّقُهُ بكلِّ مالِه بلا نيَّةٍ مُسْقِطٌ، وببعضِهِ لا عند أبي يوسف (٣) - رضي الله عنه -، (وعند محمد - رضي الله عنه - سقط زكاة المؤدَّى) (٤)): أي إذا تصدَّقَ بجميعِ مالِهِ بلا نيِّةِ الزَّكاة (٥) تسقط الزَّكاة، وإن تصدَّقَ ببعضِ مالِهِ تسقطُ زكاةُ المؤدَّى عند محمَّد - رضي الله عنه - خلافاً لأبي يوسف- رضي الله عنه -، حتَّى لو كان له مئتا درهم، فتصدَّقَ بمئة درهم، تسقط عند محمَّد - رضي الله عنه - زكاةُ المئةِ المؤدَّاة، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - لا تسقط عنه زكاةُ شيءٍ أصلاً.


(١) ساقطة من ص و م، وفي أ و ب و س: بنيته.
(٢) أي لا يجبُ أن يكونَ شراء، بل كلُّ عملٍ موجبٍ للملك إذا اقترنت به نيَّةُ التِّجارةِ يكفي.
(٣) وقول أبي يوسف هو المختار ينظر: «الهداية» (١: ٩٨)، و «الملتقى» (ص ٢٩)، و «الدر المختار» (٢: ١٢).
(٤) زيادة من ق.
(٥) في هذا القيدِ مسامحة، فإنّه لو نوى بتصدُّقِ جميعِ المالِ النَّذرِ أو الكفَّارة أو غيرهما يقعُ عمَّا نوى ويضمنُ الزَّكاةَ مع أنه يصدقُ عليه أنه تصدَّق بلا نيَّةِ الزَّكاة، ولقد أحسنَ المصنِّفُ حيث قال: بلا نيَّة، على سبيلِ الإطلاق، ولم يتنبَّه الشَّارحُ على دقيقةِ اطلاقه. ينظر: «عمدة الرعاية» (١: ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>