للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووصفه القرشي (١) والكفوي (٢): بأنه شرحٌ نفيسٌ.

ولقي هذا الشرح ومتنه عناية فائقة من العلماء حفظاً وتدريساً وشرحاً وتحشيةً وتعليقاً؛ إذ عليه التعويل في معرفة أصول المذهب الحنفي ودراستها، قال المرجاني (٣): إن كتاب «التنقيح» وشرحه «التوضيح» هو المعوّل عند الطلبة عليه والرجوع في تحصيل الأصول إليه. انتهى. لذا أقبل الطلاب على متنه بالحفظ، والعلماء على شرحه بالتدريس والتوضيح لما أشكل من عباراته وغمض من ألفاظه.

وألفت كتب اقتفت أثره في الترتيب والألفاظ وذكر الأبحاث والتحقيقات البديعة إلا أنها آثرت بعض الألفاظ على بعض، مع زيادة ونقص في بعض الأبحاث، واعتراض وتحقيق في بعض آخر، منها: كتاب «مرآة الأصول شرح مرقاة الأصول» لملا خسرو، وكتاب «التجريد شرح تغيير التنقيح» لابن كمال باشا، إلا أن ابن كمال باشا أكثر من الاعتراض على صدر الشريعة وردَّ كثيراً من أبحاثه كعادته في مؤلفاته (٤)، والعلماء لم يسلِّموا له ذلك بل ردُّوا عليه، وكانوا ينتصرون لصدر الشريعة في غالب الأحيان (٥)، وسيأتي تفصيل هذا في الحديث عن منهجه في التأليف.


(١) في «الجواهر المضية» (٤: ٣٧٠).
(٢) في «كتائب أعلام الأخيار» (ق ٢٨٧/أ).
(٣) في «حزامة الحواشي لإزاحة الغواشي» (١: ٢).
(٤) قال عبد الرحمن في «ترغيب اللبيب» في بيان عادة ابن كمال باشا في تأليفاته: هذا العلامة وإن كان فريد دهره بلا ممانع ووحيد عصره بلا مدافع، لكنّه صرف عنان عزمه عن التحقيق في أكثر مصنفاته، وسلك مسلك الجدال والتغليظ في أشهر مؤلفاته ولا سيما في شرحه على «الهداية»، فإنه فيه وصل في الجدال إلى الغاية بحيث نزل مرتبة الشرّاح المكملين منْزلة العوام من الجهال المغفلين، وجعلَ مرتبة رتبة المشايخ العظام من المصنّفين، بل من المجتهدين كمرتبة الآحاد من المقلدين، والظاهر أن مراد ذلك العلامة من السلك في مثل هذا الطريق والانحراف عن سبيل التحقيق ليس إلا تعليم دقائق وجوه البحث للطالب الذكي وتفهيم طرق إلزام الخصم المعاند الغبي، ولا شك أنه هداية لطيفة، وعزيمة شريفة، فالعلامة بهذه النية مأجور، وسعيه بتلك العزيمة مشكور، وتمامه في «الكشف» (٢: ٢٠٣٩ - ٢٠٤٠).
(٥) قال حاجي خليفة في «الكشف» (١: ٤٩٩) عن كتاب ابن كمال باشا في الأصول الذي أكثر فيه من الاعتراض على صدر الشريعة: لكن الناس لم يلتفتوا إلى ما فعله، والأصل باق على رواجه والفرع على التنَزل في كساده.

<<  <  ج: ص:  >  >>