للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوقت، أو الشَّرط فكنيَّتِه، وفي أنت طالق ما لم أُطلقك، أنت طالق، تَطْلُقُ بالأخيرة، واليومُ للنَّهار مع فعلِ ممتدّ، وللوقتِ المطلقِ مع فعلٍ لا يمتدّ، فعند وجود الشَّرط ليلاً لا تتخيَّر في: أمرك بيدِك، يوم يقدمُ زيد، وتطلُقُ في: يوم

الوقت، أو الشَّرط فكنيَّتِه): فهذا بناءً على أنّ: إذا؛ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - مشتركٌ بين الشَّرط والظَّرف.

وعندهما حقيقةٌ في الظَّرف، وقد تجيءُ للشَّرط بطريقِ المجاز. فقولُهُ: إذا لم أُطَلِّقْك؛ يكونُ بمعنى: متى لم أُطَلِّقْك، كما إذا قال: طلِّقي نفسَك إذا شئت، فإنَّه بمعنى متى شئت.

وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - لما كانت مشتركة بين المعنيين، ففي قولِه: إذا لم أُطَلِّقْك؛ إن كان بمعنى: متى؛ يقعُ في الحال، وإن كان بمعنى: إن؛ يقعُ في آخرِ العمر، فوقعَ الشَّكُّ في وقوعِهِ في الحال، فلا يقعُ في الشَّكّ (١).

وأمَّا مسألةُ المشيئة، فإنَّ الطَّلاقَ تعلَّقَ بمشيئتِها، فإن كان: إذا؛ بمعنى: إن؛ انقطعَ تعلُّقُهُ بمشيئتِها بانقضاءِ المجلس، وإن كان بمعنى: متى؛ لم ينقطع، فلا ينقطع بالشَّكّ.

(وفي أنت طالق ما لم أُطلقك، أنت طالق، تَطْلُقُ بالأخيرة): أي إن قال: أنتِ طالقٌ ما لم أُطَلِّقْك، أنت طالق، تطلُقُ بالأخيرة، وهي قولُهُ: أنتِ طالقٌ؛ حتَّى لو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً ما لم أُطلِّقْك، أنت طالق، تقع واحدة.

(واليومُ للنَّهار مع فعلِ ممتدّ (٢)، وللوقتِ المطلقِ مع فعلٍ لا يمتدّ، فعند وجود (٣) الشَّرط ليلاً لا تتخيَّر في: أمرك بيدِك، يوم يقدمُ زيد (٤)، وتطلُقُ في: يوم


(١) حاصله: إن الإمام بنى مذهبه على أن إذا تخرج عن الظرفية وتكون لمحض الشرط وهو قول بعض النحاة كما ذكره في «مغني اللبيب» (١: ٩٤)، لكن ذكر أن الجمهور على أنها للظرفية متضمنة معنى الشرطية، وأنها لا تخرج عن الظرفية وهو مرجِّح لقولهما هنا، وقد رجَّحه في «فتح القدير» (٤: ٣٣)، و «البحر» (٣: ٢٩٥).
(٢) نعني بالممتدّ: ما يقبل التأقيت: كالأمر باليد والصوم، وبما لا يمتدّ: ما لا يقبل التأقيت كالطلاق والتزوج؛ لأنه لا يقال طلقت شهراً، ويرادُ الإيقاع في جميعه، أو الامتداد إليه، ولا تزوجت يوما بهذا المعنى. ثم اختلفت عبارتهم في ماذا يعتبر الامتداد وعدمه: فمنهم: مَن يعتبره في المضاف إليه اليوم، ومنهم: من يعتبره في الجواب؛ لأنه هو العامل فيه فكان بحسبه والأوجه أن يعتبر الممتدُّ منهما وعليه مسائلهم ينظر: «التبيين» (٢: ٢٠٧).
(٣) زيادة أ و ب و س.
(٤) أي لو قال لها: أمرك بيدك يوم يقدم زيد، فقدم نهاراً، ولم تعلم بالقدوم حتى الليل بطلَ خيارُها لانصرافه إلى النهار، ومضيه؛ لأنه فعل ممتد.

<<  <  ج: ص:  >  >>