للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراجعَ في أنت طالقٌ ثنتين مع عتقِ سيِّدِك لك لو أعتق، وعند مجيءِ غدٍ، بعد تعليقِ عتقِها وتطليقها بمجيئه لا، خلافاً لمحمَّد - رضي الله عنه -

نحو: أنت طالقٌ يوم أسكنُ هذه الدَّار، أو بالعكس (١)، نحو: أمرُك بيدِك يومَ يقدُمُ زيد، ينبغي أن يرادَ باليومِ النَّهار ترجيحاً لجانب الحقيقة.

وإنِّما قلنا: إن الطَّلاقَ غيرُ ممتدّ؛ لأن المرادَ إيقاعُ الطَّلاق، فلا يقالُ: إنَّ كونَ المرأةِ طالقاً ممتدّ؛ لأنَّ الطَّلاقَ إذا وقع، فكونُ المرأةِ طالقاً أمرٌ مستمرّ، فلا فائدةَ في تعلُّق اليومِ به، فيكونُ اليومُ متعلِّقاً بإيقاعِ الطَّلاق لا بكونِ المرأةِ طالقاً.

واعلم أن المرادَ بالامتداد: إمتدادٌ يمكن أن يستوعبَ النَّهار، لا مطلقَ الإمتداد؛ لأنهم جعلوا التَّكلُّم من قبيلِ غيرِ الممتدّ، ولا شكَّ أنَّ التَّكلُّمَ ممتدٌّ زماناً طويلاً، لكن لا يمتدٌّ بحيث يستوعبُ النَّهار عادةً (٢).

(وراجعَ في أنت طالقٌ ثنتين مع عتقِ سيِّدِك لك لو أعتق): رجلٌ تزوجَ أمةَ غيرِه، فقال لها: أنتِ طالقٌ ثنتين مع إعتاق مولاكِ إيَّاك، فأعتقَها المولى، فطلقَتْ ثنتين، فالزَّوجُ يملكُ الرَّجعة؛ لأنَّ إعتاقَ المولى جُعِلَ شرطَاً للتَّطليق، فيكونُ مُقدَّماً عليه، فالعتقُ يكون مقدَّماً على وقوعِ الطَّلاق، فيقعُ الطَّلاق، وهي حرَّة، فيصيرُ طلاقُها ثلاثاً، فيملك الزَّوج الرَّجعة.

فإن قيل: كلمةُ: مع؛ للقِران.

قلنا: جاءت للتَّأخير، نحو: (قولِهِ تعالى) (٣): {إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَاً} (٤).

(وعند مجيءِ غدٍ، بعد تعليقِ عتقِها وتطليقها بمجيئه لا، خلافاً لمحمَّد - رضي الله عنه -): يعني لو قال المولى: إذا جاءَ الغدُ فأنتِ حرَّة، وقال الزَّوج: إذا جاءَ الغدُ فأنتِ طالقٌ ثنتين، فجاءَ الغد، وقع العتقَ والطَّلاق، ولا يملكُ الزَّوجُ الرَّجعة؛ لأن وقوعَ العتقِ مقارنٌ لوقوعِ الطَّلاق، فيقعُ الطَّلاق، وهي أمةٌ بخلافِ المسألةِ الأولى، فإنّ وقوعَ الطَّلاقِ متوقِّفٌ على وقوعِ العتق، فاعتبر التَّقدُّمُ والتَّأخُّرُ بالرُّتبة (٥).


(١) أي بكون الفعلِ الذي تعلَّق به الظرف ممتداً، والمضاف إليه غير ممتدّ.
(٢) زيادة أ و ب و س.
(٣) زيادة من أ.
(٤) من سورة الشرح، الآية (٦).
(٥) لأن العتق شرطٌ، والشرطُ مقدَّمٌ على المشروطِ رتبة، وهذا التقدُّمُ والتأخُّرُ الرُّتبي أوجب التقدُّمَ والتأخُّرَ الزماني. ينظر: «العمدة» (٢: ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>