للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذا كلُّ تعليقٍ بمعدوم. ويقعُ لو عُلِّقت بموجود، وفي: أنتِ طالقٌ إذا شئت، أو إذا ما شئت، أو متى شئت، أو متى ما شئت لا يرتدُّ الأمرُ بردِّها، وتطلقُ متى شاءت واحدةً لا غير. وفي: كُلَّما شئت لها إيقاع واحدة، ثُمَّ وثُمّ لا الثَّلاث جميعاً، ولا التَّطليقُ بعد زوجٍ آخر

أقول: إذا قال الزَّوج: أنتِ طالقٌ إن شئت، فمعناه إن شئتِ طلاقك، فقالت: شِئتُ إن شئتَ: أي شئتُ طلاقي إن شِئْتَ طلاقي، فقال الزَّوج: شئتُ: أي شئتُ طلاقَك، فلمَّا كان الطَّلاقُ مقدَّراً تعملُ النِيَّةُ فيه، فيمكنُ أن يجابَ عنه، بأن المقدَّرَ الطَّلاقُ الذي هو مفعولُ المشيئة، وإذا قال الزَّوج: شئتُ قُدِّرَ له مفعول، وهو الطَّلاق، فهذا هو الطَّلاقُ الذي جُعِلَ مفعولاً للمشيئة، لا الطَّلاقُ الذي جُعِلَ جزاءً للمشيئة، وتقديرُ ذلك الطَّلاقُ لا يوجبُ الوقوع؛ لأنَّهُ عُلِّقَ الطَّلاقُ بمشيئتِها، الطَّلاقَ مشيئةً موجودة، ولم توجدْ تلك المشيئة، بل علَّقَتْ المرأةُ وجودَها بوجودِ مشيئتِه، وهو غيرُ معلومٍ لها، أمَّا إذا قال: شئتُ الطَّلاق، ونُوي يقع؛ لأنَّ هذا إنشاءُ مبتدأ، وإنِّما احتاجَ إلى النِيَّة؛ لأنَّه يمكنُ أن يرادَ بالطَّلاق ما هو مفعولُ المشيئة، فإن نوى هذا لا يقع، وإن نوى طلاقاً ابتدائياً يقع، فلا بُدَّ من النِيَّة.

(وكذا كلُّ تعليقٍ بمعدوم (١).

ويقعُ لو عُلِّقت بموجود)، كما لو قالت: شئتُ إن كانت السَّماء فوقَ الأرض.

(وفي: أنتِ طالقٌ إذا شئت، أو إذا ما شئت، أو متى شئت، أو متى ما شئت لا يرتدُّ الأمرُ بردِّها)؛ لأنَّه ملَّكَها الطَّلاقَ في الوقتِ الذي شاءَت، فلم يكن تمليكاً قبل المشيئةِ حتَّى يرتدَّ بالرَّدّ (٢)، (وتطلقُ متى شاءت واحدةً لا غير (٣).

وفي: كُلَّما شئت لها إيقاع واحدة، ثُمَّ وثُمّ) (٤)؛ لأنَّ كلمة: كلَّما؛ تعمُّ الأفعالَ كما تَعُمُّ الأزمان، (لا الثَّلاث جميعاً، ولا التَّطليقُ بعد زوجٍ آخر)؛ فقولُهُ: ولا


(١) أي لم يوجد بعد: كإن شاء أبي، أو إن جاء الليل، وهي في النهار. ينظر: «الدر المختار» (٢: ٤٨٩).
(٢) أي فإنه لما لم يملكها في الحال شيئاً بل أضافه إلى وقت مشئتها فلا يكون تمليكاً قبله فلا يرتد بالرد.
(٣) لأنها تعمّ الأزمان دون الأفعال فتملك التطليق في كل زمان، ولا تملك تطليقاً بعد تطليق. ينظر: «الهداية» (١: ٢٤٩).
(٤) أي فلها أن تطلق نفسها واحدة بعد واحدة حتى تطلق نفسها ثلاثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>