للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وان خلا بها وأنكرَ فلا، فإن طلَّقَها فراجعَها، فجاءَتْ بولدٍ لأقلَّ من سنتينِ صحَّت، ولو قال: إذا وَلَدْتِ فأنت طالق، فولدَت، ثُمَّ آخر ببطنين، فهو رجعة، وفي كلَّما وَلَدَت فولدَت ثلاثةَ بطونٍ يقعُ الثَّلاث، والولدُ الثَّاني رجعة كالثَّالث، وعليها العدَّةُ بالحيض

(وان خلا بها وأنكرَ فلا): أي لا تصحّ رجعَتُها؛ لأنَّه أنكرَ الوطء، ولم يوجدْ تكذيبُ الشَّرع إنكارَه، فيكونُ إنكارُه حجَّةً عليه، وإنِّما يتأكَّدُ المهرُ بالخلوة؛ لأنَّها سلَّمَت إليه المعقودَ عليه؛ لا لأنَّه قبضَ المعقودَ عليه بأن وَطِئها.

(فإن طلَّقَها فراجعَها، فجاءَتْ بولدٍ لأقلَّ من سنتينِ صحَّت)، هذه المسألة متعلِّقةٌ بمسألةِ الخلوة، صورتُها: أنّه خلا بامرأتِه، وأنكرَ وَطْأَها، ثُمَّ طلَّقَها فراجعَها … إلى آخره، فإنَّها إذا وَلَدَت لأقلَّ من سنتينِ من وقتِ الطَّلاقِ يثبتُ نسبُ هذا الولدِ منه، إذ هي لم تَقُرَّ بانقضاء العدَّة، والولدُ يبقى في البطنِ في هذه المدَّة، فلا بُدَّ من أن يجعلَ الزَّوجُ واطِئاً قبل الطَّلاقِ لا بعدَه (١)؛ لأنَّه لو لم يَطَأ قبل الطَّلاق يزولُ الملكُ بنفسِ الطَّلاق، فيكون الوطءُ بعد الطَّلاقِ حراماً، فيجبُ صيانةُ فعلِ المسلمِ عنه، فإذا جُعِلَ واطِئاً قبل الطَّلاقِ تصحُّ الرَّجعة.

(ولو قال: إذا وَلَدْتِ فأنت طالق، فولدَت، ثُمَّ آخر ببطنين، فهو رجعة): المرادُ ببطنينِ أن يكونَ بين الولادةِ الأُولَى، والثَّانية ستَّةُ أشهر أو أكثر (٢)، أمَّا إذا كان أقلَّ يكون ببطنٍ واحد، وإنِّما تثبتُ الرَّجعة؛ لأنَّها طُلِّقَتْ بالولادةِ الأُولَى، ثُمَّ الولادةُ الثَّانية دلَّتْ على أنه راجعَها بعد الولادةِ الأُولَى؛ ليكون الوطءُ حلالاً، أمَّا إذا كانت الولادتان ببطنٍ واحدٍ لا تثبتُ الرَّجعة؛ لأنَّ علوقَ الولدِ الثَّاني كان قبل الولادةِ الأُولَى.

(وفي كلَّما وَلَدَت فولدَت ثلاثةَ بطونٍ يقعُ الثَّلاث، والولدُ الثَّاني رجعة كالثَّالث، وعليها العدَّةُ بالحيض) (٣): أي عدَّةُ الطَّلاقُ الثَّالثِ الذي وقعَ بالولادةِ الثَّالثة.


(١) ويجعلُ إنكارُه الوطءَ كذباً لأن تكذيبَه أهونُ من حملِهِ على الزنا، نعم لو كانت أقرَّت بانقضاء العدَّة وولدت بعده لأقلّ من سنتين من وقت الطلاق لا يثبتُ نسب ذلك الولد منه. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ١١٤).
(٢) ولو لأكثر من عشر سنين ما لم تقرّ بانقضاء العدّة؛ لأن امتداد الطهر لا غاية له إلا اليأس. ينظر: «الدر المختار» (٢: ٥٣٥).
(٣) صورة المسألة: إذا قال لامرأته: كلما ولدت فأنت طالق، فإنها تطلق رجعيّة بالولادة، فإذا ولدت الثاني علم أنه قد راجعها فتطلق رجعية أيضاً، فإذا ولدت الثالث فكذلك إلا أنه يكون قد وقع عليها ثلاث طلقات فتحسب عدتها بالحيض.

<<  <  ج: ص:  >  >>