للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويسقطُ الخلعُ والمبارأةُ كلَّ حقٍّ لكلِّ واحدٍ منهما على الآخرِ ممِّا يتعلَّق بالنِّكاح، وإن خَلَعَ الأبُ صبيَّتَهُ بمالها لم يجب عليها شيء، وبقي مهرُها، وتطلقُ في الأصحّ. فإن خلعَها على أنه ضامنٌ صحّ، وعليه المال، وإن شُرِطَ المالُ عليها تطلقُ بلا شيءٍ إن قبلت

ووجهُ الفرق: أنّ قولَ البائع: بعتُ؛ إقرارٌ بقَبول المشتري؛ لأن البيعَ لا يصحُّ إلاَّ بالإيجاب والقَبول، فقولُهُ: فلم تقبل يكونُ رجوعاً عن إقرارِهِ بخلاف الخلع (١)، فإنَّه يمينٌ في حقِّه، فيمكنُ إنفكاكُهُ عن البدل، فلا يكونُ إقراراً بقَبُول المرأة، فيكون القولُ قولُه؛ لأنَّه منكرٌ للخلع، والمرأةُ تدَّعيه.

(ويسقطُ الخلعُ والمبارأةُ (٢) كلَّ حقٍّ لكلِّ واحدٍ منهما على الآخرِ ممِّا يتعلَّق بالنِّكاح) (٣): فلا يسقطُ ما لا يتعلَّقُ بالنِّكاح كثمنِ ما اشترت من الزَّوج، ويسقطُ ما لا يتعلَّقُ بالنِّكاحِ كالمهر، والنَّفقة الماضية، أمَّا نفقةُ العدَّة، فلا تسقطُ إلاَّ بالذِّكر، كذا في «الذَّخيرة» (٤)، والمهرُ يسقطُ من غيرِ ذكرِه.

(وإن خَلَعَ الأبُ صبيَّتَهُ بمالها لم يجب عليها شيء (٥)، وبقي مهرُها، وتطلقُ في الأصحّ (٦).

فإن خلعَها على أنه ضامنٌ (٧) صحّ، وعليه المال، وإن شُرِطَ المالُ عليها تطلقُ بلا شيءٍ إن قبلت (٨). (والله أعلم) (٩)).


(١) أي الخلع يمين في جانبه وهو عقد تام لا يتوقف على قبول المرأة فلا يكون قوله: طلقتك أمس على ألف إقراراً لقبولها فلا يكون قوله: فلم تقبلي رجوعاً عنه حتى لا يسمع. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ١٢٧).
(٢) المبارأة: بفتح الهمزة جعلُ كلّ منهما بريئاً للآخر من الدعوى، وترك الهمزة خطأ. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٧٦٤).
(٣) صورة المبارأة: أن تقول له: بارئني، فيقول لها: بارأتك أو يقول لها ذلك، وتقول هي قبلت. وفي المسألة تفصيل كما في «رد المحتار» (٢: ٥٦٥).
(٤) الذخيرة البرهانية» (ق ١٠٩/ب).
(٥) لأن بدل الخلع تبرع، ومال الصبي لا يقبل التبرع. ينظر: «درر الحكام» (١: ٣٩٢).
(٦) مقابلة: لما قيل: لا تطلق؛ لأنه معلق بلزوم المال وقد عدم، ووجه الأصح أنه معلق بقبول الأب وقد وجد. ينظر: «رد المحتار» (٢: ٥٦٨).
(٧) أي ملتزماً لا كفيلاً لعدم وجوب المال عليها. ينظر: «الدر المختار» (٢: ٥٦٩).
(٨) وهي من أهل القبول بأن تعقل أن النكاح جالب والخلع سالب، ولا يجب المال عليها؛ لأنها ليست من أهل الغرامة، ولا يسقط مهرها؛ لأنه لم يدخل تحت ولاية الأب، بل يبقى الكل دخل بها، والنصف لم يدخل بها. ينظر: «شرح ابن ملك» (ق ١١١٠/أ).
(٩) زيادة من ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>