للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومراهقةٍ أتت به لأقلَّ من تسعةِ أشهرٍ ولتسعةٍ لا

(ومراهقةٍ أتت به لأقلَّ من تسعةِ أشهرٍ ولتسعةٍ لا) (١): ومراهقةٍ: بالجرِّ عطفٌ على مبتوتة: أي يثبتُ نسبُ ولدُ مطلَّقةٍ مراهقةٍ أتت بولدٍ لأقلَّ من تسعةِ أشهرٍ من وقتِ الطَّلاق.

والمرادُ بالمراهقة: صبيّةٌ يجامعُ مثلُها، وهي في سنٍّ يمكنُ أن تكون بالغة: أي تسعَ سنينَ فصاعداً، ولم يظهرْ فيها علاماتُ البلوغ؛ لأنَّ ثلاثةَ أشهرٍ مدَّةُ عدَّتِها، وستَّةَ أشهرٍ أقلُّ مدَّةِ الحمل، وإنِّما اعتبرَ أقلَّ مدَّةِ الحملِ هاهنا، وأكثرُ مدَّةِ الحملِ في البالغة؛ لأنَّ النَّسبَ يثبتُ بالشُّبهةِ لا بشبهةِ الشُّبهة.

ففي البالغةِ شبهةُ الوطء زمانُ النِّكاح أو العدَّةِ ثابتة (٢)، وحقيقةُ الوطء في أحدِ هذين الزَّمانين توجبُ ثبوتَ النَّسب، فكذا شبهته.

وأمَّا في المراهقةِ فشبهةُ الوطء في النِّكاح، أو في العدَّة: وهي ثلاثةُ أشهرٍ ثابتة، ثُمَّ حقيقةُ الوطءِ في أحدِ هذين الزَّمانين لا يوجبُ ثبوتَ النَّسب؛ لعدمِ تحقُّقِ البلوغ، فالبلوغ وهو أمرٌ حادثٌ يضافُ إلى أقربِ الأوقات، وهو ستةُ أشهرٍ إلى وقتِ الولادة، فهذا مذهبُ أبي حنيفةَ ومحمَّد - رضي الله عنهم -.

وأمَّا عند أبي يوسف - رضي الله عنه - فإن كان الطَّلاق رجعيّاً، فإلى سبعةٍ وعشرينَ شهراً؛ لأنَّ ثلاثةَ أشهرٍ مدَّةُ عدَّتِها وسنتان أكثرُ مدَّة الحمل، وإن كان الطَّلاق بائناً، فإلى سنتين؛ لأنَّها معتدَّةٌ يحتملُ أن تكونَ حاملاً، ولم تقرَّ بانقضاءِ العدَّة فصارَتْ كالكبيرة.


(١) حاصل المسألة: أن المراهقة إذا طلّقت: فإمَّا قبل الدخول أو بعده، فإن كان قبله فجاءت بولد لأقلّ من ستّة أشهر ثبت نسبُهُ للتيقِّن بقيامه قبل الطلاق به، وإن جاءت به لأكثر منها لا يثبت؛ لأن الفرض أن لا عدة عليها، وإن طلّقها بعد الدخول، فإن أقرّت بانقضاء العدة بعد ثلاثة أشهر، ثُمّ ولدت لأقلّ بستة أشهر من وقت الإقرار ثبت، وإن لستّة أشهر أو أكثر لا يثبت لانقضاء العدة بإقرارها، وإن لم تقر بانقضائها ولم تدع حبلاً؛ فعندهما إن جاءت به لأقل من تسعة أشهر من وقت الطلاق ثبت وإلاّ فلا. وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - يثبت إلى سنتين في البائن وإلى سبعةٍ وعشرين شهراً في الرجعيّ؛ لاحتمال وطئها في آخر عدتها الثلاثة الأشهر، وإن ادَّعت حبلاً فكالكبيرة في أنه لا يقتصر انقضاء عدتها على أقلّ من تسعة أشهر لا مطلقاً. ينظر: «الفتح» (٤: ٣٥٣)، و «رد المحتار» (٢: ٦٢٤).
(٢) في صورة وضعها حملها لأقل من سنتين، بل لأكثر منهما أيضاً في الطلاق الرجعي. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>