للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

....................................................................................................................

اعلم أنّ لفظَ «الوقاية»: وقعَ بالواوِ في قولِهِ: وأقرَّ الورثةُ بها؛ والمذكورُ في «الهداية» يقتضي كلمة: أو، لأنَّ عبارة «الهداية» هكذا: ويثبتُ نسبُ ولدِ المتوفَّى عنها زوجها ما بينَ الوفاة وبين سنتين (١).

فقولُه: ما بين الوفاة؛ ظرفٌ للولد، فالولدُ بمعنى المولود: أي يثبتُ النَّسبِ من ولدٍ في وقتٍ بين الوفاةِ وبين سنتين، ثُمَّ أوردَ هذه المسألة: فإن كانت معتدَّةً عن وفاةٍ فصدَّقَها الورثةُ بولادتِها، ولم يشهدْ على الولادةِ أحد، فهو ابنُه (٢).

فَعُلِمَ من هاتين المسألتين أن أحدَهما كافٍ، وهو كونُ المدَّةِ أقلَّ من سنتين، أو إقرارُ الورثة.

فإن قيل: إن أقرَّ الورثة، والمدَّةُ بين الوفاةِ والولادةِ سنتان، أو أكثرَ لا اعتبارَ لإقرارِهم، وإنِّما يعتبرُ إقرارُهم إذا كانت المدَّةُ أقلَّ من سنتين، فالواجبُ كلمةُ الواو.

قلنا: أحدُهما كافٍ: أي المدَّة أو الإقرار: أي إن كانت المدَّةُ أقلَّ من سنتين يثبتُ النَّسبُ وإن لم يعلم المدَّةُ بين الوفاةِ والولادة، فحينئذٍ إن أقرَّ الورثةُ يعتبر، فيجبُ أن تغيَّرَ عبارة «الوقاية» إلى هذا النَّمط: أو تثبت ولادتُها بحجَّةٍ تامَّة، أو عُلِمَ أنَّها وَلَدَتْ بعد وفاتِه لأقلَّ من سنتين، أو لم يُعْلَم وأقرَّ الورثةُ به (٣).

فقولُهُ: أو لم يعلم … إلى آخره، يشملُ ما إذا لم يُعْلَمْ أنَّه وُلِدَ قبلِ الموت، أو بعده وعلى تقديرِ العلمِ بأنَّ ولادتَهُ بعد موتِ الزَّوج لا يعلمُ أنَّه وُلِدَ لأقلَّ من سنتين، أو


(١) انتهى من «الهداية» (٢: ٣٤).
(٢) انتهى من «الهداية» (٢: ٣٥).
(٣) العلماء المحقِّقون الذين تتبعوا «الوقاية» وشرحها، مثل: «الدرر» (١: ٤٠٨)، و «الإيضاح» (ق ٩٢/أ)، و «مجمع الأنهر» (١: ٤٧٧) لم يوافقوا الشارح فيما ذهب إليه، بل مشوا على عبارة «الوقاية»، وقد قصَّل هذا المقام خير تفصل اللكنوي في «عمدة الرعاية» (١: ١٦٣) وردّ على الشارح، وخلص إلى القول: وبالجملة لا بدّ في ثبوت نسب ولد المعتدات من كون الولادة في المدة المقرّة لكلّ منها مع ثبوت الولادة بإحدى الطرق المذكورة، والحاصل أن اقرار الورثة إنما قام مقام الشهادة في إثبات نفس الولادة لا في ثبوت النَّسب مطلقاً، فكما أن الشهادة على نفس الولادة لا تفيد إذا كانت خارج المدة كذلك إقرار الورثة لا يعتبر إلا إذا كانت المدّة قابلةً لثبوت النسب، وأن المرادَ بإقرار الورثة إقرارهم بنفس ولادتها مع قطع النظر عن الإقرار بثبوتِ نسب الولد مع الزوج إذا عرفت هذا كله فاعرف أن الصواب هو إيراد كلمة الواو في قوله: وأقر الورثة بها. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>