للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستأجرُ الأبُ مَن ترضعَهُ عندها، ولو استأجرها منكوحةً، أو معتدَّةً من رجعيّ؛ لترضعَهُ لم يجز، وفي المبتوتِةِ روايتان، ولإرضاعِه بعد العدَّة أو لابنِهِ من غيرِها صحَّ

لبنَ غيرِها، (ويستأجرُ الأبُ مَن ترضعَهُ عندها): أي إذا لم تتعيَّنْ الأمّ.

(ولو استأجرها منكوحةً (١)، أو معتدَّةً من رجعيّ؛ لترضعَهُ لم يجز، وفي المبتوتِةِ روايتان) (٢).

اعلم أنَّ قولُه تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (٣) أوجبَ الإرضاعَ على الأمهات، ثُمَّ قولُهُ تعالى: {لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (٤) أوجبَ دَفَعَ الضَّرر عن الأمهاتِ والأباء، فإن امتنَعتْ والأبُ لا يتضرَّرُ باستئجارِ المرضعةِ لا تجبرُ الأمّ؛ لأنَّ الظَّاهرَ أن امتناعَها للعجز؛ لأنَّ إشفاقَ الأموميَّة يدلُّ على أنَّها لا تمتنعُ إلاَّ للعجز، فإذا أقدمت عليه، وتطلبُ الأجرة لا تعطى؛ لأنَّه ظهرَ قدرتُها، فالإتيانُ بالواجبِ لا يوجبُ الأجرةِ على أنَّ الشَّرعَ لم يوجبْ للمرضعةِ إلاَّ النَّفقة، قال الله تعالى: {وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالمَعْرُوفِ} (٥)، فكلُّ مَن يأخذُ النَّفقة، وهي المنكوحةُ ومعتدَّةُ الرَّجعيّ لا تعطى شيئاً آخر للإرضاع، وأمَّا المبتوتةُ فكذا في رواية، وأمَّا على الرِّواية الأُخرى فإن الزَّوجَ قد أوحشَها بالإبانة، فلا ترجى منها المسامحةُ والمساهلة، فصارَتْ كما بعد العدِّة، وإنِّما تجوزُ الإجارةُ بعد العدَّة؛ لأنَّ النَّفقةَ غيرُ واجبةٍ لها، فتجبُ الأجرة؛ لقولِهِ تعالى: {وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} الآية.

(ولإرضاعِه بعد العدَّة أو لابنِهِ من غيرِها صحَّ): أي الاستئجارُ لإرضاعِ ولدِهِ الذي منها بعدما طلَّقَها، وانقضَتْ عدَّتُها، والاستئجارُ لارضاعِ ابنِهِ الذي من غيرِها صحّ، سواءٌ كانت المستأجرةُ في نكاحِه، أو في العدَّة، أو بعد العدَّة (٦).


(١) أي لو استأجر الأبُ الأمَّ حال كونها منكوحة له …
(٢) وهما: الأولى: الجواز: قال بعضهم هي ظاهر الرواية، وصححها صاحب «الجوهرة» (٢: ٨٩).
والثانية: عدمه، وبه رواية الحسن عن الإمام، ويؤميء إليها كلام «الهداية» (٢: ٤٦)، ويدل عليها ظاهر كلام القدوري (ص ٨٢)، وفي «النهر»: وهي الأولى، وفي «التاتارخانية»: وعليه الفتوى. ينظر: «رد المحتار» (٢: ٦٧٦).
(٣) من سورة البقرة، الآية (٢٣٣).
(٤) من سورة البقرة، الآية (٢٣٣).
(٥) من سورة البقرة، الآية (٢٣٣).
(٦) لأنه لا يجب عليهنّ الارضاع ديانة. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>