للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووُقِفَ الولاءُ في الأحوال، ولو علَّقَ أحدُهما عتقَهُ بفعلٍ غداً، والآخرُ بعدمِه فمضى الغد، وجُهِلَ شرطُ عتقِ نصفِه، وسعى في نصفِه لهما، وعند محمَّد - رضي الله عنه - سعى في كلِّه، ولا عتقَ في عبدين

فإن قلت: ينبغي أن لا تَجِبَ السِّعايةُ في شيءٍ من الأحوال؛ لأنَّ العتقَ إنِّما يثبتُ بإقرارِ كلٍّ منهما بإعتاقِ شريكِه، والشَّريكُ منكر، فصارَ إقرارُ كلِّ واحدٍ منهما إنشاءً للعتق، فلا تجبُ السِّعاية.

قلت: العبدُ إنْ كذَّبَ كلُّ واحدٍ منهما فيما زعمَ لا يثبتُ عتقُه، وإن صَدَّقَ فتصديقُهُ كلَّ واحدٍ منهما يكونُ إقراراً بوجوبِ السِّعاية له على أصل أبى حنيفة - رضي الله عنه -، وأمَّا على أصلِهما فتصديقُهُ للموسرينَ لا يكونُ إقراراً، وتصديقُهُ للمعسرينَ يكون إقراراً، وكذا تصديقُهُ الموسرِ إذا كان شريكُهُ معسراً.

(ووُقِفَ الولاءُ في الأحوال) (١): أي حال يسارِهما وعسارِهما، ويسارُ أحدِهما وعسارُ الآخر؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما منكراً إعتاقه، فيوقَّفُ الولاءُ إلى أن يتَّفقا على إعتاق أحدِهما.

(ولو علَّقَ أحدُهما عتقَهُ بفعلٍ غداً، والآخرُ بعدمِه فمضى الغد (٢)، وجُهِلَ شرطُ عتقِ نصفِه، وسعى في نصفِه لهما (٣)، وعند محمَّد - رضي الله عنه - سعى في كلِّه): لأنَّ المَقْضِيَّ عليه بسقوطِ السِّعاية مجهول، فلا يمكنُ القضاءُ على المجهول.

قلنا: نصفُ السِّعاية ساقطٌ بيقين، وكلُّ واحدٍ من الشَّريكين، يقولُ لصاحبِه: إنَّ النِّصف الباقي هو نصيبِي، والسَّاقط نصيبُك، فينصَّفُ بينهما.

(ولا عتقَ في عبدين): أي إذا قال رجلٌ: إن دخلَ فلانٌ الدَّارَ غداً، فعبدُه حرّ، وقال الآخر: إن لم يدخلْ فلانٌ الدَّارَ غداً، فعبدُهُ حرّ، فمضى، ولم يدرِ أنَّه دَخَلَ أو


(١) هذا على مذهب الصاحبين؛ لكون إعتاق البعض إعتاق للكل عندهما، والولاء لمن أعتق ولم يتعيَّن ذلك المستحق لكون كل منهما ينكر استحقاق الآخر، ولو مات العبد قبل ان يعتق على شيء فولاؤه لبيت المال. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ١٩٩).
(٢) زيادة من م.
(٣) أي لو علق أحد الشريكين عتق العبد المشترك بينهما بفعل شخص بأن قال أحدهما: إن دخل فلان الدار غداً فهو حرّ، وعكس الآخر بأن قال: إن لم يدخل فلان ذلك تلك الدار بعينها غداً، فهو حرّ ومضى الغد ولم يدرَ أدخلَ أم لا، عتقَ نصفه للتيقن بحنث أحدهما. وتمامه في «التبيين» (٣: ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>