للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن اشترى نصفَه، ثُمَّ الأبُ باقيه غنيِّاً ضَمِنَ له، أو سعى، وخالفا فيها، ولو دبَّرَهُ أحدُ الشُّركاء، وأعتقَه الآخر، وهما موسران ضَمَّنَ السَّاكت مدبِّره لا معتقَه، والمُدبِّرُ معتقَهُ ثُلُثَهُ مُدبَّراً لا لما ضَمِنَه

نصيبِه حيث شاركَهُ في علَّةالعتق، وهو الشِّراء، وإن جَهِل، فالجهلُ لا يكونُ عذراً (١).

(وإن اشترى نصفَه، ثُمَّ الأبُ باقيه غنيِّاً ضَمِنَ له، أو سعى، وخالفا فيها)، ففي هذه الصُّورة لم يرضَ الشَّريكُ بإفسادِ نصيبِه، فيخيَّر، وعندهما لا تجب سعايته؛ لأنَّ المعتقَ غَنِيٌّ.

(ولو دبَّرَهُ أحدُ الشُّركاء، وأعتقَه الآخر، وهما موسران ضَمَّنَ السَّاكت مدبِّره لا معتقَه، والمُدبِّرُ معتقَهُ ثُلُثَهُ مُدبَّراً لا لما ضَمِنَه) (٢)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -؛ وذلك لأنَّ التَّدبيرَ متجزئٌ عنده كالإعتاق، فيقتصرُ على نصيبِه، لكنَّه أفسدَ نصيبَ شريكيه، فأحدُهما اختارَ اعتاقَ حصَّتِه، فتعيَّنَ حقُّه فيه، فلم يبقَ له اختيارَ أمرٍ آخرَ كالتَّضمين وغيرِه، ثُمَّ للسَّاكتِ توجه سببا ضمان: أي ضمانُ التَّدبيرِ والإعتاق (٣).

لكنَّ ضمانَ التَّدبير ضمانُ المعاوضة؛ لأنَّه قابلٌ للانتقال من ملكٍ إلى ملك، وضمانُ المعاوضةِ هو الأصل، فيضمنُ المدبِّر، ثُمَّ للمُدبِّرِ أن يضمِّنَ المُعتِقَ ثُلُثَ قيمةِ


(١) حق العبارة أن تكون هكذا: إنه رضي بإفساد نصيبه حيث شاركه في علة العتق وهو الشراء وإن جهل، فالجهل لا يكون عذراً فلا يضمن كما إذا أذن بإعتاق نصيبه كما لا يخفى، إذ قوله فلا يضمن نتيجة فحقّها التأخير. ينظر: «حاشية عبد الحليم» (١: ٣١٢).
(٢) أي لو كان عبد بين ثلاثة نفر موسرين دبَّره أحدهم، ثم أعتقه آخر، فللساكت أن يضمِّن المدبر، وليس له أن يضمِّن المعتق، وللمدبِّر أن يضمن المُعْتِق ثلثَ قيمته مدبَّراً، وليس له أن يضمِّنَه الثلثَ الذي ضَمِنَه للساكت. ينظر: «التبيين» (٣: ٨٠).
(٣) بيان المسألة: إن التدبير متجزئ عند أبي حنيفة خلافاً لهما؛ لأنه شعبةٌ من شعب الاعتاق، فيقتصر التدبير عنده على نصيب المدبِّر ويفسد به نصيب الآخرين حيث امتنع بيعه فيكون لكلّ واحد من الشريكين الآخرين أن يدبّرَ، أو يعتق، أو يكاتب، أو يأخذ ضمان نصيبه من المدبّر، أو يستسعي العبد، أو يتركه على حاله؛ فالذي دبَّرَ نصيبه سد عليهما طرق الانتفاع به، فإذا اختار أحدهما اعتاق حصته تعيَّنَ حقُّهُ فيه وسقط اختياره غيرَه، وأما الساكت فتوجه له سببا ضمان تدبير الشريك الأول سهمه، وإعتاق الثاني سهمه لأن كلَّ واحد منهما أفسد سهمه: الأول: بتدبيره، والثاني: إعتاق، غير أن له أخذ الضمان من المدبّر دون المعتق لكون ضمان التدبير ضمان معاوضة دون ضمان العتق. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>