للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمُّ ولدِ النَّصرانيِّ إذا أسلمَتْ تسعى في قيمتِها، وتعتقُ بعدها إن عرضَ عليه الإسلام فأَبى. وهي بحالها إن عرضَ فأسلم، فإن ادَّعى ولدَ أمةٍ مشتركة يثبتُ نسبُهُ منه، وهي أمُّ ولدِهِ وضَمِنَ نصفَ قيمتِها، ونصفَ عقرِها لا قيمةَ ولدِها، وإن ادَّعياه معاً، فهو منهما، وهي أمُّ ولدٍ لهما، وعلى كلٍّ نصفُ

(وأمُّ ولدِ النَّصرانيِّ إذا أسلمَتْ تسعى في قيمتِها، وتعتقُ بعدها): أي بعد السِّعاية (١)، (إن عرضَ عليه الإسلام فأَبى. وهي بحالها إن عرضَ فأسلم): أي تكون أمَّ ولدٍ له كما كانت.

(فإن ادَّعى ولدَ أمةٍ مشتركة): أي بين المدَّعي وبين آخرٍ (يثبتُ نسبُهُ منه، وهي أمُّ ولدِهِ وضَمِنَ نصفَ قيمتِها، ونصفَ عقرِها (٢) لا قيمةَ ولدِها): لأنَّه لمَّا استولدَ الجاريةَ يثبتُ النَّسبُ في النِّصفِ لمصادفتِهِ ملكَه، فيثبتُ في الباقي ضرورةَ أن النَّسبَ لا يتجزأ؛ لأنَّ الولدَ لا يتعلَّقُ من مائين، فيلزمُ تملُّك الباقي، فيجبُ عليه نصفُ قيمتِها، وأيضاً نصفُ عقرها؛ لحرمةِ الوطءِ بخلافِ وطءِ جاريةِ الابن، فإنَّ قولَهُ - صلى الله عليه وسلم -: «أنت ومالك لأبيك» (٣) لا يرادُ به المعنى الحقيقي، وهو أن يكونَ ملكاً للأب ضرورةَ كونِهِ ملكَ الابن يدلُّ عليه قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: «أنت ومالك لأبيك» فيرادُ به المعنى المجازي، وهو حلُّ الانتفاع، فتصيرُ قبيل الوطءِ ملكاً للأب؛ ليكونَ الوطءُ حلالاً، فلا يجبُ عليه (٤) العقر.

وفي مسألتِنا وقعَ الوقاعُ في محلٍّ بعضُهُ ملكُ الغير، ولا سبب لحلِّ الوطء فيحرمُ، فيجبُ العقرُ، والتَّملُّك يثبتُ ضرورةَ ثبوتِ النَّسب منه، فيثبتُ قبيلَ العلوق، لكن بعد ابتداءِ الوطء، فلا يجبُ قيمةُ الولد.

(وإن ادَّعياه معاً، فهو منهما)، خلافاً للشَّافِعيِّ - رضي الله عنه - فإن عنده يُرْجَعَ إلى قولِ القائف، وهو الذي يتبعُ آثار الآباء في الأبناء، (وهي أمُّ ولدٍ لهما، وعلى كلٍّ نصفُ


(١) لتعذر إبقائها في ملك المولى ويده بعد إسلامها وإصراره على الكفر، فتخرج إلى الحرية بالسعاية، وهذا لأن ملك الذمي محترم فلا يمكن إزالته مجاناً. ينظر: «المبسوط» (٧: ١٦٨).
(٢) العقر: هو مهر مثلها في الجمال: أي ما يرغب به في مثلها جمالاً فقط. ينظر: «رد المحتار» (٣: ٤٠).
(٣) سبق تخريجه (ص ٤٦).
(٤) زيادة من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>