للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو لا يدخلُ فقعدَ فيها إلاَّ أن يخرجَ ثُمَّ يدخل وفي لا يسكنُ هذه الدَّار، لا بُدَّ من خروجِهِ بأهلِه ومتاعِه أجمع حتَّى يحنث بوتدٍ بقي

(أو لا يدخلُ فقعدَ فيها)؛ فإنَّه لا يحنثُ به، فإنَّ الدُّخولَ هو الانتقالُ من الخارجِ إلى الدَّاخل، فلا يحنثُ بالمكث، بخلافِ السُّكْنَى واللُّبْس والرُّكُوب، فإنَّه في حالِ المكثُ ساكن ولابسٌ وراكب، فمن قولنا (١): وقيل: في عرفنا لا يحنثُ … إلى هاهنا الحكمُ عدمُ الحنث.

(إلاَّ أن يخرجَ ثُمَّ يدخل) هذا استثناءٌ مفرَّغٌ (٢) من قبيل الظَّرف، فإنَّ قولَهُ: إلاَّ أن يخرج، معناهُ إلاَّ الخروج، ثُمَّ المصدرُ يقعُ حيناً، نحو: آتيتك خُفوقَ النَّجم (٣): أي وقتَ خُفوقِه، فتقديرُ الكلامِ في قولِهِ: لا يدخلُ فقعد؛ لا يحنثُ في وقتٍ إلاَّ وقتَ خروجِه، ثُمَّ دخولِه.

(وفي لا يسكنُ هذه الدَّار، لا بُدَّ من خروجِهِ بأهلِه ومتاعِه أجمع حتَّى يحنث بوتدٍ بقي): هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -.

وأمَّا عند أبي يوسف - رضي الله عنه -، فيعتبرُ نقلُ الأكثر.

وأمَّا عند محمَّد - رضي الله عنه - فيعتبرُ ما يقومُ به، كَدْخُدَائِيَّتِه (٤)، قالوا: هذا أحسن، وأرفقُ بالنَّاس (٥)


(١) أي من قول المصنف - رضي الله عنه -، وقيل: في عرفنا لا يحنث أي في مسألة الوقوف على السطح إلى هاهنا حكم المسائل عدم الحنث.
(٢) الاستثناء المفرّغ: سمِّي مفرّغاً؛ لأن ما قبل إلا قد تفرّغ لطلب ما بعدها، ولم يشتغل عنه بالعمل فيما يقتضيه. ينظر: «شرح ابن عقيل» (١: ٦٠٣)، و «شرح قطر الندى» (ص ٢٤٧)، و «البهجة المرضية» (ص ٢١٥)، وغيرها.
(٣) خُفوق: المغيب والغرب، وخُفوق النجم: أي وقت خُفوق الثريا تجعله ظرفاً وهو مصدر. ينظر: «اللسان» (١٠: ٨١).
(٤) أي يعتبر نقل ما لا بد في البيت من آلات الاستعمال. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٥٥٢).
(٥) اختلفت كلمة الفقهاء في الافتاء بالأقوال الثلاثة المذكورة:
فذهب أصحاب المتون إلى الإفتاء بقول الإمام، قال صاحب «البحر» (٤: ٣٣٣): وعليه الفتوى؛ لأنه أحوط.

وذهب صاحب «المحيط» و «الفوائد الظهيرية»، و «الكافي» إلى أن الفتوى على قول أبي يوسف.
وذهب صاحب «الهداية» (٢: ٧٨)، والشارح، و «الفتح» (٥: ١٠٧)، و «الدر المختار» (٣: ٧٧)، و «رد المحتار» (٣: ٧٧)، و «رمز الحقائق» (١: ٢٥٨) إلى الإفتاء بقول محمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>